فقدناه لمّا تمّ واختمّ بالعلى |
|
كذاك كسوف البدر عند تمامه |
ومن وجوه تشبيه الأحوال الدنيوية بالماء المنزّل من السماء أن المطر لا ينزل بالحيلة ، كذلك الدنيا لا تساعدها إلا القسمة.
ثم إن المطر إن كان لا يجىء إلا بالتقدير فقد يستسقى .. كذلك الرزق ـ وإن كان بالقسمة ـ فقد يلتمس من الله ويستعطى.
ومنها أن الماء فى موضعه سبب حياة الناس ، وفى غير موضعه سبب خراب الموضع ، كذلك المال لمستحقه سبب سلامته ، وانتفاع المتصلين به ، وعند من لا يستحقه سبب طغيانه ، وسبب بلاء من هو متصل به ، كما قيل : نعم الله لا تعاب ولكنه ربما استعجم على إنسان ، وكما قيل :
يا دولة ليس فيها من المعالي شظيّة |
|
زولى فما أنت إلا على الكرام بليّة |
ومنها أن الماء إذا كان بمقدار كان سبب الصلاح ، وإذا جاوز الحدّ كان سبب الخراب .. كذلك المال إذا كان بقدر الكفاية والكفاف فصاحبه منعّم ، وإذا زاد وجاوز الحدّ أوجب الكفران والطغيان.
ومنها أن الماء ما دام جاريا كان طيبا ، فإذا طال مكثه تغيّر .. كذلك المال إذا أنفقه صاحبه كان محمودا ، فإذا ادّخره وأمسكه كان معلولا مذموما.
ومنها أن الماء إذا كان طاهرا كان حلالا يصلح للشرب ويصلح للطهور ولإزالة الأذى ، وإذا كان غير طاهر فبالعكس .. كذلك المال إذا كان حلالا ، وبعكسه لو كان حراما.
ويقال كما أن الربيع تنورد أشجاره ، وتظهر أنواره ، وتخضرّ رباعه ، وتتزين بالنبات وهاده وتلاعه ، لا يؤمن أن تصيبه آفة من غير ارتقاب ، وينقلب الحال بما لم يكن فى الحساب. كذلك من الناس من تكون له أحوال صافية ، وأعمال بشرط الخلوص زاكية ؛ غصون أنسه متدلّيه ، ورياض قربه مونقه .. ثم تصيبه عين فيذبل عود وصاله ، وتنسدّ أبواب عوائد إقباله ، كما قيل :
عين أصابتك إن العين صائبة |
|
والعين تسرع أحيانا إلى الحسد |