قوله جل ذكره : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥))
دعاهم إلى دار السلام ، وفى الحقيقة دعاهم إلى ما يوجب لهم الوصول إلى دار السلام ؛ وهو اعتناق أوامره والانتهاء عن زواجره. والدعاء من حيث التكليف ، وتخصيص الهداية لأهلها من حيث التشريف.
ويقال الدعاء تكليف والهداية تعريف ؛ فالتكليف على العموم والتعريف على الخصوص.
ويقال التكلف بحقّ سلطانه ، والتعريف بحكم إحسانه.
ويقال الدعاء قوله والهداية طوله ؛ دخل الكلّ تحت قوله ، وانفرد الأولياء بتخصيص طوله. دار السلام دار السلام لأن السلام اسم من أسمائه.
ويكون السلام بمعنى السلامة فهى دار السلامة أي أهلها سالمون فيها ؛ سالمون من الحرقة وسالمون من الفرقة ؛ سلموا من الحرقة فحصلوا على لذة عطائه ، وسلموا من الفرقة فوصلوا إلى عزيز لقائه.
ويقال لا يصل إلى دار السلام إلا من سلمت نفسه عن السجود للصنم ، وسلم قلبه عن الشّرك والظلم.
ويقال تلك الدار درجات ؛ والذي سلم قلبه عن محبة الأغيار درجته أعلى من درجة من سلمت نفسه من الذنوب والأوضار.
ويقال قوم سلمت صدورهم من الغلّ والحسد والحقد ؛ وسلم الخلق منهم ؛ فليس بينهم وبين أحد محاسبة ، وليس لهم على أحد شىء ؛ فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمحسن من سلم الخلق بأجمعهم من قلبه.
«الصراط المستقيم» : طريق المسلمين ، فهذا للعوام بشرط علم اليقين ، ثم طريق المؤمنين وهو طريق الخواص بشرط عين اليقين ، ثم طريق المحسنين وهو طريق خاص الخاص بشرط حق اليقين ؛ فهؤلاء بنور العقل أصحاب البرهان ، وهؤلاء بكشف العلم أصحاب