البيان ، وهؤلاء بضياء المعرفة بالوصف (١) كالعيان ، وهم الذين قال صلىاللهعليهوسلم فيهم : «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه».
قوله جل ذكره : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ)
(أَحْسَنُوا) : أي عملوا وأحسنوا إذ كانت أفعالهم على مقتضى الإذن.
ويقال (أَحْسَنُوا) : لم يقصّروا فى الواجبات ، ولم يخلّوا بالمندوبات.
ويقال (أَحْسَنُوا) : أي لم يبق عليهم حقّ إلا قاموا به ؛ إن كان حقّ الحقّ فمن غير تقصير و ، إن كان من حقّ الخلق فاذا من غير تأخير.
ويقال (أَحْسَنُوا) : فى المال كما أحسنوا فى الحال ؛ فاستداموا بما فيه واستقاموا ، والحسنى التي لهم هى الجنة وما فيها من صنوف النّعم.
ويقال الحسنى فى الدنيا توفيق بدوام (٢) ، وتحقيق بتمام ، وفى الآخرة غفران معجّل ، وعيان على التأبيد (٣) محصّل.
قوله : (وَزِيادَةٌ) : فعلى موجب الخبر وإجماع السلف النظر إلى الله. ويحتمل أن تكون (الْحُسْنى) : الرّؤية ، «والزيادة». دوامها. ويحتمل أن تكون (الْحُسْنى) : اللقاء ، «والزيادة» : البقاء فى حال اللقاء.
ويقال الحسنى عنهم لا مقطوعة ولا ممنوعة ، والزيادة لهم لا عنهم محجوبة ولا مسلوبة.
قوله جل ذكره : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
لا يقع عليهم غبار الحجاب ، وبعكسه حديث الكفار حيث قال : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ).
__________________
(١) (المعرفة بالوصف) احتراز هام جدا ، حتى لا يظن أن (العيان) يستشرف من (الذات) الصمدية ، وإنما يقتصر الأمر على (عرفان الأوصاف) الإلهية كالجلال والجمال والكرم .. إلى آخره.
(٢) قال صلىاللهعليهوسلم : «خير العمل أدومه وإن قل».
(٣) (التأبيد) معناه إلى الأبد فهم فى الجنة خالدون أبدا ، وستأتى لفظة (التأبيد) فى العقوبة أيضا بعد قليل.