لم ينظر إلى الله بالله ، ولم يسمع من الله بالله ، فقصاراه العمى والصمم ، (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (١) وقال عليهالسلام فيما أخبر عن الله : «فى يسمع وبى يبصر» (٢).
وأنشد قائلهم :
تأمّل بعين الحقّ إن كنت ناظرا |
|
إلى منظر منه إليه يعود |
قوله جل ذكره : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤))
نفى عن نفسه ما يستحيل تقديره فى نعته ، وكيف يوصف بالظلم وكلّ ما يتوّهم أن لو فعله كان له ذلك؟ إذ الحقّ حقّه والملك ملكه. ومن لا يصحّ تقدير قبيح منه ـ أنّى يوصف بالظلم جوازا أو وجوبا؟!
قوله جل ذكره : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (٤٥))
الأيام والشهور ، والأعوام والدهور بعد مضيها فى حكم اللحظة لمن تفكّر فيها ، ومتى يكون لها أثر بعد تقضيها؟ والآتي من الوقت قريب ، وكأنّ قدر الماضي من الدهر لم يعهد.
قوله جل ذكره : (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ (٤٦))
__________________
(١) آية ٤٦ سورة الحج.
(٢) «حتى أحبه فإذا أحببته كنت عينه التي يبصر بها وسمعه الذي يسمع به ، ويده التي يبطش بها.
ـ حديث قدسى رواه البخاري عن أبى هريرة ، وأحمد عن عائشه.