آلاف ومائة وستّة وتسعين ميلا. وهو ألف وسبع مائة واثنان وثلاثون فرسخا من مقعّر الفلك الأقصى. واللّه سبحانه يعلم ما يتحرّك محدّبه حينئذ.
والزّمان يسع جملة الزّمانيّات بالعينيّة. كما المكان يسع جملة المكانيّات كذلك. وكما أنّ كلّ مطروق للمكان يتّصل امتداد مكانىّ منه إلى أقصى عالم الإمكان ، وهو فلك محدّد الجهات ، كذلك مظروف الزّمان يتّصل امتداد زمانىّ منه إلى أقصى العالم الزّمانىّ. وهو افق محتد التغيّر ومحدّد جهة التّقضّى والتّجدّد. فكما المكان يحيط بالمكانيّات جملتها فكذلك الزّمان بالزّمانيّات كافّتها.
فإذن محلّ الزّمان حركة مستديرة تحيط بهذا العالم كلّه ، وما هى إلاّ حركة الجرم المحيط بالكلّ والجرم الأقصى المحيط بكميّة جسميّة تحدّد جهات الأبعاد القارّة ومذاهب الامتدادات الجسمانيّة ، وبكميّة حركته تحدّد جهات التّغيّر وشوارع الأبعاد الغير القارّة لامتدادات التّقضّيات والتّجدّدات. فإذن ، ما خرج عن أقطار الفلك الأقصى وعن مقدارها تدواره ليس بحيث يصحّ أن يتوّهم فيه الامتداد واللاّامتداد ، لا القارّ ولا غير القارّ.
<١٤> شكّ وتحقيق
عساك أن تتوهّم أنّ كلّ حركة متقدّرة لا محالة ، والزّمان مقدار الحركات على العموم، فإذن يكون كلّ حركة تتسع زمانا ويقوم بها زمان ، فيبطل التّخصيص ، وإلاّ فبعض الحركات يبقى بلا مقدار.
فيجب أن نحاول تنبيهك ، فيقال : فرق ما بين تقدّر الحركة بالزّمان وبين قيام الزّمان بالحركة. فليس من شرط ما يقدّر الشّيء أن يكون عارضا له قائما به ، بل ربما قدّر المباين بالانطباق والموازاة. وما تبرهن من أمر الزّمان إنّما هو أنّه متعلّق بالحركة وهيئة لها ، لا أنّه متعلّق بكلّ حركة حركة ؛ ومن أمر الحركة أنّ كلّ حركة فإنّها تتقدّر بالزّمان ، لا أنّ كلّ حركة فهى محلّ الزّمان.