بالنّظر إلى الذّات من حيث هى فقط.
فإذن ، الجسمانيّات قاطبة من الأجرام السّفليّة والعلويّة بأسرها مع كلّ ما يتعلّق بالمادّة وجودا ، ذاتا أو فعلا ، وحدوثا فقط أو حدوثا وبقاء جميعا زمانيّات.
وكيف يكون شيء مكانيّا ولا يكون زمانيّا ، وكلّ مكانىّ فإنّه ذو وضع ، والوضع يتشخّص بذاته وبالزّمان ، والزّمان يتشخّص بالوضع. وكلّ زمان له وضع مخصوص ؛ لأنّه تابع لوضع مخصوص من الفلك الأقصى ، والمكان أيضا يتشخّص بالوضع ؛ فإنّ لكلّ مكان نسبة إلى ما يحويه تغاير نسبة المكان الآخر إلى ما يحويه. وليس هذا الموضع حيّزا طبيعيّا لتحقيق هذه المفاحص ، وهذا القدر يتمّ به الغرض فيما نحن بسبيله.
<١٨> تبصار مكشافيّ
إنّ إبصار البصائر المستضيئة المستقيمة النّافذة فى طبقات أرض الحقيقة ، بعد ما تعوّدت أن تتخذ من الحكمة مرآة تنطبع فيها صور الحقائق الملكوتيّة ، ليس يعسر عليها أن تبصر بعين اليقين أنّ ما يستلزم الامتداد الّذي هو من خواصّ افق الزّمان إنّما هو سبق استمرار العدم أولا استمراره ؛ فإنّه حينئذ يلزم تصوّر امتداد يطابق السّابق شيئا من أجزائه أو من حدوده والمسبوق شيئا آخر من تلك الأجزاء أو الحدود.
وأمّا سبق أصل العدم الّذي هو بمعزل عن توهّم الاستمرار واللاّاستمرار فيه وفى سبقه ، فإنّما يستلزم صحّة أن يحكم بأنّ وقوع الشّيء فى الأعيان إنّما هو بعد العدم بالفعل بعديّة هى وراء التّقدّر واللاّتقدّر. فالبعديّة شيء وكونها من البعديّات المتعدّدة شيء آخر. وإنّما تكون البعديّة بعديّة متعدّدة لو كان الشّيء بالقبل ذا امتداد أو ذا لا امتداد.
فإذن ، ليس هذا السّبق بحيث يصحّ أن يتصوّر بحسبه أنّ السّبق فى جزء أو حدّ بخصوصه من امتداد والمسبوق فى جزء أو حدّ آخر بخصوصه منه ، بل إنّما هو سبق