صاحبه مخفيا (١) لذهابه ومجيئه ، (فَقالَ) استهزاء بها. (أَلا تَأْكُلُونَ) ، يعني الطعام الذي بين أيديكم.
(ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ (٩٢) فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (٩٤) قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩))
(ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَراغَ عَلَيْهِمْ) (٩٢) [مال عليهم](٢)(ضَرْباً بِالْيَمِينِ) ، أي كان يضربهم بيده اليمنى لأنها أقوى على العمل من الشمال. وقيل : باليمين أي بالقوة. وقيل : أراد به القسم أي القسم الذي سبق منه وهو قوله : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء : ٥٧].
(فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ) ، يعني إلى إبراهيم ، (يَزِفُّونَ) ، يسرعون وذلك أنهم أخبروا بصنيع إبراهيم بآلهتهم فأسرعوا إليه ليأخذوه ، وقرأ الأعمش وحمزة (يَزِفُّونَ) بضم الياء وقرأ الآخرون بفتحها ، وهما لغتان وقيل بضم الياء : أي يحملون دوابهم على الجد والإسراع.
(قالَ) ، لهم إبراهيم على وجه الحجاج ، (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) ، يعني ما تنحتون بأيديكم [من الأصنام](٣).
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٩٦) ، وفيه دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.
(قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) (٧٩) ، معظم النار ، قال مقاتل : بنوا له حائطا من الحجارة (٤) طوله في السماء ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا ، وملئوه من الحطب وأوقدوا فيه النار فطرحوه فيها.
(فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً) ، شرا وهو أن يحرقوه ، (فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) ، أي المقهورين حيث سلّم الله تعالى إبراهيم وردّ كيدهم.
(وَقالَ) ، يعني إبراهيم ، (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) ، أي مهاجر إلى ربي ، والمعنى : أهجر دار الكفر وأذهب إلى مرضاة ربي ، قاله بعد الخروج من النار ، كما قال : (إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) [العنكبوت : ٢٦] ، (سَيَهْدِينِ) ، إلى حيث أمرني بالمصير إليه وهو الشام. قال مقاتل : فلما قدم الأرض المقدسة سأل ربه الولد.
(رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣))
فقال : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (١٠٠) ، يعني هب لي ولدا صالحا من الصالحين.
(فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (١٠١) ، قيل بغلام في صغره حليم في كبره ، ففيه بشارة أنه نبي وأنه يعيش فينتهي في السن حتى يوصف بالحلم.
__________________
(١) في المطبوع «مخيفا» والمثبت عن «ط» والمخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «الحجر» والمثبت عن المخطوط.