قال مجاهد : لم يتوعّر قط على النحل طريق. أو حالا من النحل ؛ أى منقادة لما أمرها الله به.
(ذُرِّيَّةٌ) : فعليّة من الذّر ؛ لأن الله تعالى أخرج الخلق من صلب آدم كالذّر. وقيل : أصل ذرية ذرّورة على وزن فعلولة ، فلما كثر التصريف أبدلت الراء الأخيرة ياء فصارت ذروية ، ثم أدغمت الواو فى الياء فصارت ذرية ، وهم أولاد الرجل وأولاد الأولاد وإن بعدوا. وقيل : ذرية فعلية أو فعيلة من ذرأ الله الخلق فأبدلت الهمزة ياء ، كما أبدلت فى نبى.
وذكر فى العقد لابن عبد ربه أن الحجاج عتب على يحيى بن يعمر فقال له : أنت الذى تقول إنّ الحسين ابن رسول الله؟ فقال : نعم. قال : والله لئن لم تأتنى بالمخرج لأضربنّ عنقك. فقال : قال تعالى (١) : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ ...) إلى قوله تعالى : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ ...) الخ. فقال له : فمن أبعد ؛ عيسى عليهالسلام من إبراهيم أم الحسين من محمد صلىاللهعليهوسلم؟ فقال الحجاج : والله ما كأنى قرأتها. ثم ولّاه قضاء بلده ؛ فلم يزل بها قاضيا حتى مات.
وتأمّل هذا ؛ فإنّ النزاع إنما هو فى تسمية ابن البنت ابنا ؛ وغاية ما فى هذه الآية أنه جعل عيسى من الذرية ؛ لأن عيسى ليس له أب فهو ابن بنت نوح. ولا شك أن الابن أخص من الذرية. والنص فى القضية قوله عليهالسلام : إن ابني هذا سيّد ... الحديث. وقوله تعالى (٢) : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ) ؛ فإن اللخمىّ وغيره حكى الإجماع فى مذهب مالك وغيره على دخول ابن البنت فيها.
__________________
(١) الأنعام : ٨٣ ، ٨٤
(٢) النساء : ٢٢