الغيب الذى انفرد الله به ، فهو كالكهانة وغيرها لما يرام به من الاطلاع على الغيوب.
(تَنْقِمُونَ (١) مِنَّا) : أى تنكرون منّا إلا إيماننا بالله ، وبجميع كتبه ورسله ؛ وذلك أمر لا ينكر ولا يعاب. ونزلت الآية بسبب أبى ياسر (٢) ابن أخطب ، ونافع بن أبى نافع ، وجماعة من اليهود سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الرسل الذين يؤمن بهم ، فتلا آمنا بالله وما أنزل إلينا ... إلى آخر الآية. فلما ذكر عيسى قالوا لا نؤمن بعيسى ولا بمن آمن به.
(تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ (٣)) ، أى تنصرف بإثمى إذ قتلتنى ، وإثمك الذى من أجله لم يتقبل قربانك. أو بإثم قتلى لك لو قتلتك ، وبإثم قتلك لى. وإنما تحمّل القاتل الإثمين لأنه ظالم ، فذلك مثل قوله صلىاللهعليهوسلم : المستبان ما قالا فهو على البادى. وقيل بإثمى ؛ أى تحمل عنّى سائر ذنوبى ؛ لأن الظالم تجعل عليه فى يوم القيامة ذنوب المظلوم.
(تصغى) : تميل. ومنه (٤) : (قد صَغَتْ قُلُوبُكُما).
(تَلْقَفُ (٥)) ، وتلقم وتلهم بمعنى تبتلع. ويقال : تلقّفه والتقفه ، إذا أخذه أخذا سريعا. وروى أن الثعبان أكل ما صوّروا من كذبهم ، ملء الوادى ، من حبالهم وعصيّهم ، ومدّ موسى يده إليه فصار عصا كما كان ، فعلم السحرة أن ذلك ليس من السّحر ، وليس فى قدرة البشر ؛ فآمنوا بالله وبموسى عليهالسلام.
__________________
(١) المائدة : ٥٩
(٢) فى القرطبى : أبو ياسر أخطب.
(٣) المائدة : ٢٩
(٤) التحريم : ٤
(٥) الأعراف : ١١٧ ، طه : ٦٩ ، الشعراء : ٤٥