(خَوْفاً وَطَمَعاً (١)) جمع الله الخوف والطمع ، ليكون العبد خائفا راجيا ، كما قال تعالى (٢) : (يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) ؛ فإنّ موجب الخوف معرفة عقاب الله وشدة سطوته ، وموجب الرجاء معرفة رحمة الله وعظيم ثوابه ؛ قال تعالى (٣) : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ).
ومن عرف فضل الله [١١٨ ا] رجاه ، ومن عرف عقابه خافه ؛ ولذلك جاء فى الحديث : لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا ؛ إلا أنه يستحبّ أن يكون طول عمر العبد يغلب عليه الخوف ، ليقوده إلى فعل الطاعات وترك السيئات ، وأن يغلب عليه الرّجاء عند حضور الموت ؛ للحديث : لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله.
وأعلم أن الخوف على ثلاث درجات :
الأولى : أن يكون ضعيفا يخطر على القلب ولا يؤثّر فى الباطن ولا فى الظاهر ؛ فوجود هذا كالعدم.
والثانية : أن يكون قويا فيوقظ العبد من الغفلة ويحمله على الاستقامة.
الثالثة : أن يشتدّ حتى يبلغ إلى القنوط واليأس ؛ وهذا لا يجوز. وخير الأمور أوساطها.
والناس فى الخوف على ثلاث مقامات : فخوف العامّة من الذنوب. وخوف الخاصّة من الخاتمة. وخوف خاصة الخاصة من السابقة ؛ فإن الخاتمة مبنية عليها.
__________________
(١) الرعد : ١٢
(٢) الإسراء : ٥٧
(٣) الحجر : ٤٩ ، ٥٠