فتجلى له الوحى الإلهى بأكمل معانيه.
٣ ـ أين كان استعداد محمد للوحى الذاتى المزعوم حين فتر الوحى ولزم محمد الصمت؟ إن هذا السكون في فترة الوحى دليل قاطع على بطلان ما أفك درمنغام وغيره من المستشرقين.
٤ ـ من أين خبر أو علم درمنغام أن محمدا «صلىاللهعليهوسلم» نسى الليل والنهار ، والحلم واليقظة ، إن المستشرق يتجاهل روايات السيرة ليفترى عليها وليستنبط من افتراءاته أن النبى فقد عقله فهو غائب عن حسه ، غارق في بحر لجى من خياله ، أثمر له انبثاق ذلك الوحى من نفسه وتخيله (!).
٥ ـ وهل العتاب الشديد ـ أحيانا ـ للرسول «صلىاللهعليهوسلم» فى القرآن ، كان أيضا من عند نفسه؟ أما كان يخشى أن ينفض عنه الأصحاب والأصدقاء؟.
٦ ـ أما سأل «واط» ـ ومن يلف لفه ـ نفسه ، كيف أمكن أن يتوهم محمد «صلىاللهعليهوسلم» نزول الملك عليه آلاف المرات في نحو ثلاث وعشرين سنة من غير أن يتبين خطأ نفسه ، أو يتبين أتباعه خطأه؟ أم كيف أمكن أن يتفق توهمه مع الحقائق الخارجية في تلك السنين الكثيرة؟ وما بعدها كغلبة الروم مثلا.
والمستشرق «واط» يجمع بين النقيضين حين يجمع بين الصدق والكذب فى آن واحد. فهو يقول بصدق محمد وكذب رسالته. ولقد كشفنا ـ فيما سبق ـ عن بعض أوجه إعجاز القرآن وهو لا يخفى عن المستشرقين عجز العرب ـ وهم أهل اللسان والبيان ـ قاطبة عن تحديه ، وعن الإتيان بأقصر سورة فيه.
إن محمدا صلىاللهعليهوسلم لم يكن ـ فى حياته ـ معتزلا العالم في صومعة أوجب ولكنه كان في معترك الحياة ، يحاج ويدعو الناس إلى دين الله.
وفي نفس الوقت لن نعدم أن نجد من المستشرقين من يدفع هذه الضغائن ، وهذا الحقد ، يقول المستشرق (ليتن) (١) lightner «.. مرة أوحى الله تعالى إلى النبى صلىاللهعليهوسلم وحيا شديد المؤاخذة لأنه أدار وجهه عن رجل فقير (٢) ليخاطب رجلا غنيا من ذوى النفوذ ، وقد نشر ذاك الوحى ، فلو كان صلىاللهعليهوسلم كما يقول أغبياء النصارى بحقه لما كان لذلك الوحى من وجود» (٣)
__________________
١ ـ باحث انجليزى حصل على اكثر من شهادة دكتوراه في الشريعة والفلسفة واللاهوت. زار الآستانة عام ١٨٥٤ م.
٢ ـ إشارة إلى قوة تعالى : عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى.
٣ ـ لايتنر : دين الاسلام. ترجمة عبد الوهاب سليم ص ١٣٢ ، ١٣٣. المكتبة السلفية. دمشق ط ١٣٤٢ ه