ينكر «واط» أن يكون جبريل جاء الرسول على هيئة رجل ، وواضح أن الإنكار ليس لذات الواقعة وإنما ليصل أو ليوحى للقارئ الأوربى ، أنه لم يكن هناك وحى ، ولا جبريل ، وإنما هى تصورات وتخيلات نابعة من مخيلة محمد.
وفضلا عما سبق نسأله : ما رأيك في قيامة المسيح؟ ـ بصرف النظر عن كونها حدثت أم أنها افتراء ، وعن الاضطراب في إيرادها عند متى وعند مرقس ـ ذكر مرقس أن ملاك الرب كان جالسا داخل القبر وأنه ظهر أولا لمريم المجدلية ثم ظهر بهيئة أخرى لاثنين من تلاميذه ، ثم ظهر للأحد عشر ووبخهم لعدم إيمانهم بظهوره ثم ارتفع إلى السماء وجلس على يمين الله (١).
ملاك الرب عند مرقس يتفاءل وينكمش حتى يتمكن من الجلوس في حفرة (٢x ٢) ثم يتشكل ، ويظهر بهيئة أخرى ، ثم في هيئة ثالثة ـ لا عليك من جلوسه على يمين الله ـ هذا حلال للمستشرقين والمنصرين ، حرام وخرافة وتخيلات عندنا.
طرفة :
طرفة لأن المستشرق الإنجليزى «واط» أراد ـ عن غير قصد ـ أن يسرى عنا ، ويضحكنا بعد هذا الهراء المغلف بالمنهجية والموضوعية والحيادية.
يصر «واط» على أن القرآن كتاب بشرى ، وأن الوحى داخلى ، لذلك كان محمد مسيطرا عليه ، بإمكانه استدعائه وصرفه في أى وقت يشاء. فمخيلة محمد «صلىاللهعليهوسلم» كجهاز «الكمبيوتر» تخزن فيه المعلومات ثم تستدعى حسبما يريد الإنسان.
يقول في كتابه «محمد في مكة» : «ومن المهم أن نعرف إذا كان محمد يستخدم طريقة ما لإثارة الوحى ، ولا نستطيع التأكيد بأنه كان يرتدى دثارا من أجل هذا الغرض ، وكل شىء يحملنا على الاعتقاد أن الوحى كان ينزل عليه في بداية الأمر بصورة غير منتظرة ، ولكنه من الممكن أن يكون فيما بعد وسيلة فنية تقنية للسمع وربما كان ذلك بترتيل القرآن أثناء الليل.
وإذا كان يحدث لمحمد أن يثير تجارب الوحى بواسطة الاستماع فإن (التنويم المغناطيسى الذاتى) أو أى شىء آخر ليس من اختصاص حكم الفقيه» (٢).
اعترف «واط» بنزول الوحى على محمد «صلىاللهعليهوسلم» بطريقة غير منتظرة ، وهذا جيد منه ، غير أنه لم يقم على هذا الاعتراف ، فبعد أسطر قليلة زعم أن محمدا كان
__________________
١ ـ مرقس : ١٦ : ١ ـ ١٥ يوحنا : ٢٠ : ١ ـ ١٨ ، بوكاى : دراسة الكتب المقدسة. ص ٨٤ عام ١٩٧٧ م.
٢ ـ محمد في مكة ص ١٠٢.