شملت قصصه بعض أنبياء بنى إسرائيل : كنوح وسفينته ، وإبراهيم وزوجته ، وموسى ومعجزاته الحسية ، وداود وسليمان ، وتوليهما الملك ، وتزويدهما بالحكمة ، وغيرهم ، ولكن أغفل ذكر كثير من الأنبياء والملوك ذوى الشأن في الديانة اليهودية (١).
ولمجرد الطعن في القرآن أقدم بعض المستشرقين على إنكار عاد وثمود : «وأنكر الكوارث التى أصابتهم بغير حجة ، إلا أنه يحسب أن المنكر لا يطالب بحجة ، ولا يعاب على النفى الجزافى. فما لبثوا طويلا حتى تبين لهم أن عاداOadita وثمودThamudida مذكورتان في تاريخ بطليموس وأن اسم عاد مقرون باسم (إرم) فى كتب اليونان فهم يكتبونها (إدراميت) Adramitae ويؤيدون تسمية القرآن لها بعاد وإرم ذات العماد ... وعثر المنقب موزيل التشيكى Musil صاحب كتاب الحجاز الشمالى على آثار هيكل عند مدين منقوش عليه بالنبطية واليونانية وفيه إشارة إلى قبائل ثمود (٢).
الجميع يريد نزع ثوب قداسة الوحى القرآنى برده إلى اليهودية تارة وإلى النصرانية أخرى ، وجعل القرآن بشرى المولد! يقول كايتانى : «واستطاع ابن عباس زمن الفتوحات الكبرى أن يتفهم بوضوح تفوق الحضارة المسيحية ، وأن يتعرف على العديد من العيوب والثغرات المخجلة للعقيدة الجديدة التى حاول محمد خلق أساس لها في تاريخ اليهود القديم ، ولكنه لم يوفق بشكل تام في ذلك فتأهب ابن عباس لسد هذه الثغرة ودرء هذه العيوب» (٣).
قد تكون المسيحية من جانبها المادى الذى يعرف بالمدنية اكثر تفوقا ، ولكنها أكثر انحطاطا في جوانب الثقافة ، ودليل ذلك انهيارها بسرعة أمام الفتح الإسلامى. (٤)
ما هى هذه العيوب والثغرات في العقيدة؟ لا إجابة. أين مواضعها في الكتاب ـ وحاشاه ـ والسنة ، لا إجابة. وسوف نرى بعد قليل أن كايتانى يطعن الإسلام والتهم اللاصقة بعهديه : القديم والجديد ، أى رمتنى بدائها وانسلت!
لقد أشبعنا المستشرق ردا على افتراءاتهم ، كما أشبع القول حول مزاعمهم عدد من علمائنا ، غير أنى أدع المستشرق الفرنسى «بوكاى» يقول قولا لبنى جلدته : «إن
__________________
١. ٣٠ ـ ٢٨.JewsandArabes ــ PP : Goitein
٢ ـ الاستاذ العقاد : مطلع النور ص ٧٤ سلسلة كتاب الشهر. مصر ديسمبر ١٩٦٨ م.
٣ ـ كايتانى : مقدمة كتاب حوليات الإسلام ترجمة محمد احمد شلوف ص ٣٨٢ ضمن كتاب : (من قضايا الفكر الإسلامى كما يراها بعض المستشرقين) منشورات كلية الدعوة الإسلامية طرابلس. ليبيا ١٩٨٨ م.
٤ ـ د. الصديق بشير نصر : تعليقات على المصدر السابق ص ٤٢٤.