متناقضات الرواية ، وهى السمة البارزة في مختلف صياغات الأناجيل ، بل هو يظهر أيضا ـ لكل من يشرع في دراسته بموضوعية وعلى ضوء العلوم ـ طابعه الخاص وهو التوافق التام مع المعطيات العلمية الحديثة. بل أكثر من ذلك ـ وكما أثبتنا ـ يكتشف القارئ فيه مقولات ذات طابع علمى من المستحيل تصور أن إنسانا في عصر محمد صلىاللهعليهوسلم قد استطاع أن يؤلفها.
إن مقارنة عديد من روايات التوراة مع روايات نفس الموضوعات في القرآن تبرز الفروق الأساسية بين دعاوى التوراة غير المقبولة علميا وبين مقولات القرآن التى تتوافق تماما مع المعطيات الحديثة ... فبينهما فروق شديدة الأهمية تدحض كل ما قيل ادعاء ـ ودون أدنى دليل ـ عن نقل محمد صلىاللهعليهوسلم للتوراة حتى بعد نص القرآن.
«ولا يستطيع الإنسان تصور أن كثيرا من المقولات ذات السمة العلمية كانت من تأليف بشر وهذا بسبب حالة المعارف في عصر محمد صلىاللهعليهوسلم لذا فمن المشروع تماما أن ينظر إلى القرآن على أنه تعبير الوحى من الله ... إن صحته أمر لا يمكن الشك فيه.
وحيث أن احتواءه على المعطيات العلمية المدروسة في عصرنا تبدو كأنها تتحدى أى تفسير وضعى ...» (١) نخلص مما سبق إلى أن أقوال المستشرقين تضاربت حول القرآن الكريم ومحاولة رده إلى أصول يهودية ونصرانية ، فتهافتت أقوال البعض فلم تحظ بعناية الرد ، أما المزاعم المنمقة والمتدثرة بالعلمية والمنهجية والحيدة ـ كأقوال واط ـ فجاءها الرد من كتبهم ـ المقدسة ـ وقد لجئوا إلى بتر النصوص ومقارنتها بنصوص أخرى عندهم فكان أحرى بنا ـ دون إسفاف ـ الكشف عن زيف ما في أيديهم ، بمثل هذه المقارنات.
القرآن الكريم كلام الله تعالى أوحاه إلى عبده ونبيه محمد صلىاللهعليهوسلم بشهادة نفسه :
التحدى القائم والمستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وما كشف عنه المستشرق الفرنسى موريس بوكاى» وأخيرا ، فلقد تعرت نوايا المستشرقين مما جعلنى أجزم أو أكاد أجزم : لو أن القرآن الكريم جاء خلوا من قصص الأمم البائدة أو قصص الأنبياء السابقين مع أقوامهم. لو جاء القرآن خلوا منها لقالوا :
إن هذا الكتاب من تأليفك يا محمد لأنه لم يشر إلى النبيين السابقين وما كان من أممهم معهم. وأنّى لك يا محمد بهذا الغيب الماضى الموغل في القدم؟
__________________
١ ـ بوكاى : السابق ص ٢٨٥ ، ٢٨٦