٥ ـ يقول المستشرق الإنجليزى لايتنرLIGHTNER
«بقدر ما أعرف من دينى اليهود والنصارى أقول بأن ما علمه محمد «صلىاللهعليهوسلم» ليس اقتباسا بل قد أوحى إليه ربه ، ولا ريب بذلك طالما نؤمن بأنه قد جاءنا وحى من لدن عزيز عليم ، وإنى بكل احترام وخشوع أقول : إذا كان تضحية المصالح الذاتى ، وأمانة المقصد ، والإيمان القوى الثابت والنظر الصادق الثاقب بدقائق وخفايا الخطيئة والضلال ، واستعمال أحسن الوسائط لإزالتها ، فذلك من العلامات الظاهرة الدالة على نبوة محمد «صلىاللهعليهوسلم» وأنه قد أوحى إليه» (١).
إضافة إلى ذلك يقول هنرى دى كاسترى : «ثبت إذن أن محمدا «صلىاللهعليهوسلم» لم يقرأ كتابا مقدسا ولم يسترشد في دينه بمذهب متقدم عليه» (٢).
المستشرقون يخبطون في كل اتجاه فإن لم يصب السهم يصيب الآخر ، والثالث ... ولا شك أن هذه سمة الكذاب ، فهو يطلق الكلام عله يصيب ويصدقه أحد.
فلما ثبت أن محمدا لم يتلق شيئا من الأحبار ولا الرهبان ، فلعله تلقى وحيه من الشعراء العرب ، وما أفصحهم وما أعلمهم.
ادعى المستشرق «كليمان هوار» (HUAAR) أنه اكتشف مصدرا جديدا للقرآن ، هو شعر أمية بن أبى الصلت (٣).
لا شك أن أمية كان يعيش في نفس بيئة رسول الله ، وأن عمريهما متقارب ، وأعلن محمد «صلىاللهعليهوسلم» على مسمع من جميع معاصريه بأنه يتلقى وحيه عن الله وأنه لا يتلقى شيئا عن بشر.
ولنأخذ في اعتبارنا موقف خصومه فلقد كانوا دائما على يقظة لأقل ثغرة ليواجهوا من خلالها ضربتهم. ألم يكن من الأيسر لهم أن يضعوا يده على مسروقاته المفضوحة من شعر أمية الذى لم يكن قد جف مداده ، بدلا من أن يوجهوا حججهم في كل اتجاه؟
إن هذه النتيجة تؤدى إلى نتيجة أخرى أهم هى : أن القرآن هو الذى كان أساس الإنتاج الأدبى في عصر نزوله ، فضلا عما بعده.
ولقد لاحظ «هوارت» أن شعر أمية يرجع إلى عدة مصادر مختلفة : فعند ما يتكلم
__________________
١ ـ لايتنر : دين الإسلام ص ٤ ، ٥ مصدر سابق.
٢ ـ هنرى دى كاسترى : المصدر السابق ص ٦ ، وأيضا : د. عماد الدين خليل : السابق ص ١٣٤.
٣ ـ المجلة الأسيوية ١٩٠٤ م ، د. تهامى نقره : القرآن والمستشرقون (مناهج المستشرقين ج ١) ص ٣٣.