القاعدة الكبرى التى تقوم عليها الأمة الإسلامية ، وهى قاعدة دينها وعلومه المتصلة بهذا الدين» (١).
يتضح مما سبق أن أهداف الاستشراق والتبشير والاستعمار واحدة ، فأكثر المستشرقين كانوا عملاء للاستعمار في بلاد العروبة والإسلام ، ودأبوا على تقويض الخصائص والمقومات الدينية والتاريخية للعرب وللمسلمين ، كى يمكنوا للاستعمار في هذه البلاد ، وليشيعوا النزعة الصليبية الغربية في مجالات مختلفة ومنها بطبيعة الحال مجال التظاهر بالبحث العلمى الصرف المحايد (٢).
وهكذا أصبح الاستشراق وسيلة فعالة لخدمة الاستعمار الغربى بعد أن أنجز تقمصه وتحوله من إنشاء بحثى إلى مؤسسة أمبريالية (٣).
الهدف العلمى :
هذا النفر من المستشرقين هم أفضلهم ـ والفضل هنا نسبى أيضا ـ إذ أنهم أقبلوا على الدراسات العربية والإسلامية بدافع المعرفة الحقة أو البحث عن الحقيقة التى افتقدها الكثير منهم فيما هم عليه من نصرانية ، ومن ثم جاءت أبحاثهم متسمة بالموضوعية والاعتدال.
قد تأتى دراسات البعض ـ إذن ـ لغرض علمى الافادة من الجوانب المشرقة فى تاريخ الشرق ، كالوقوف على تاريخ العلوم التى ازدهرت في رحاب الحضارة الإسلامية ... أو الوقوف على حلقات غامضة من تاريخ الحضارة الأوربية ولكنها تتضح من خلال معرفتهم بتاريخ الحضارة الإسلامية. ومن ذلك محاولتهم الوقوف على تاريخ اليونان والرومان .. من خلال المصادر الإسلامية ... (٤) ومن هؤلاء من يؤدى بهم البحث العلمى الخالص لوجه الحق إلى اعتناق الاسلام والدفاع عنه في أوساط أقوامهم الغربيين (٥).
ويرى المستشرق (بارت) أن ظهور هذه الفئة من المستشرقين كان على وجه التقريب منتصف القرن التاسع عشر. يقول : «إننا نعنى أن الصفة العلمية بالمعنى الحديث ظهرت في هذا الوقت على الاستشراق بوضوح أكثر من ذى قبل .. وذلك
__________________
١ ـ الشيخ عبد الرحمن حبنكة : أجنحة المكر الثلاثة ص ٨٨ ط. دمشق
٢ ـ د. أحمد الشرباصى : التصوف عند المستشرقين ص ٨ ، ٩ مصدر سابق.
٣ ـ د. ادوارد سعيد : السابق ص ١٢٠.
٤ ـ د. اسماعيل عميرة : الجذور التاريخية للظاهرة الاستشراقية ص ٦٠ دار حزين. عمان ١٩٩٢ م.
٥ ـ د. مصطفى السباعى : الاستشراق والمستشرقون ص ٢٤.