دلالة المعجزات علي النبوات
يجيء هذا الفصل توطئة لإثبات نبوة محمد «صلىاللهعليهوسلم» ، بأدلة غير قرآنية ، وذلك من خلال الإجابة على هذه التساؤلات :
هل حقا المعجزات دلالة على النبوات؟ بمعنى هل من يجرى الله تعالى على يديه أفعالا أو أقوالا خارقة أو من قبيل المعجزات يكون نبيا؟ وكيف نستدل على صدقه؟
وحتى لا تثار الشبهات : ما الفرق بين المعجزة والسحر؟ وما هى المعجزة وما أوصافها وما شروطها؟
المعجزة في اللغة والاصطلاح :
المعجزة في اللغة مأخوذة من العجز الذى هو نقيض القدرة (١) أما في الاصطلاح : «الفعل الذى يدل على صدق المدعى للنبوة» (٢) وسمى معجزة لعجز المرسل إليهم عن المعارضة بمثلها.
المعجزة إذن أمر يظهر على يد مدعى النبوة يجريه الله جل وعلا على وجه يعجز الناس عن الإتيان بمثله ، كما يقول الإمام ابن تيمية : إن «لفظ المعجز يدل على أنه أعجز غيره ، كما قال تعالى : (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) [الزمر : ٥١] وقال تعالى (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٢٢)) [العنكبوت : ٢٢]» (٣).
أوصاف وشروط المعجزة :
وضع العلماء شروطا عدة للأمر المعجز منها :
الأول أن «تكون المعجزة فعلا من أفعال الله تعالى ... نازل منزلة قوله تعالى لمدعى النبوة : صدقت» (٤) أو كأنه من جهته «لأن المعجز ينقسم إلى ما لا يدخل جنسه تحت مقدور القدر كإحياء الموتى ... وقلب العصا وما شاكل ذلك وإلى ما يدخل جنسه تحت مقدور القدر مثل قلب المدن رأسا على عقب ونقل الجبال ...» (٥)
__________________
١ ـ البغدادى : أصول الدين ص ١٧٠.
٢ ـ عبد الجبار المعتزلى : شرح الأصول الخمسة ص ٥٦٨ والرازى التفسير الكبير ج ٢١ ص ٦٥
٣ ـ ابن تيمية : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج ٤ ص ٦٩
٤ ـ الجوينى الإرشاد إلى قواطع الأدلة ص ٣٠٨ ط السعادة بمصر ١٩٥٠ م
٥ ـ عبد الجبار السابق ص ٥٦٩