واحد المسلمين والبوذيين والهندوس والوثنيين» (١).
وفي عصرنا الحالى تغيرت العبارة وأصبحت أقل فظاظة ولكنها ما تزال أقل وضوحا. وأما معناها فهو هو.
خلاصة القول : إن ألوان التحامل القديم قد تضاءلت منذ فجر هذا القرن إلا أنها ما زالت تعيش قوية ، وما زالت فئة المستشرقين تعمل على نشرها في الغرب وفي الشرق على السواء. فهناك من الشواهد ما يدل على أن الرصيد المختزن من مشاعر العداوة للإسلام قد اتسع وامتد من هذه الشواهد حرب الإبادة التى يمارسها الصرب والكروات ـ ومن خلفهم أوربا كلها ـ ضد مسلمى البوسنة والهرسك.
فضلا عن تطور أساليب ومناهج الاستشراق عما كانت عليه في الماضى ، فبعد أن كان هجومه على الإسلام ونبى الإسلام مباشرا ، وجارحا لمشاعر المسلمين ، أصبحت كتاباتهم وأهدافهم مغلفة بالمكر والدهاء ، وحتى اختلط أمر ـ الاستشراق ـ على الكثير من المسلمين فلم يعد يميز بين المادح منهم من القادح ، فضلا عن أن بعض كتابات الإسلاميين جاءت دون التوثيق العلمى مما أفقدها قوتها وتأثيرها.
لذلك رأيت أن أنهض ـ مع الناهضين ـ كاشفا عن أحدث شبهات الفلسفة الاستشراقية حول الوحى القرآنى ، محللين لها ومفندين في ضوء العقل والنقل.
وبحثنا هذا يعد محاولة للانفتاح على فلاسفة الاستشراق وما يكتبونه عنا ، فالخطوة الأولى لمقاومة أى فكر منحرف أو معاد هى التعرف الدقيق عليه وسبر أغواره وجمع المعلومات الشاملة عنه وتحليل تلك المعلومات ونقدها بدقة وأمانة ، ومعرفة الأطوار التى مر بها والمنطلقات التى انطلق منها والأهداف التى يسعى إليها ، ثم يأتى بعد ذلك : التحليل والتفنيد في إطار منهج علمى واضح.
ولكى يتسنى لنا تطبيق هذا المنهج تناولنا في فصل تمهيدى : فلسفة الاستشراق ، من حيث المفهوم والأهداف والمنهج ، وتناول الفصل الثانى خصائص الوحى الإلهى إلى أنبياء الله جل وعلا ، مبينا تناقض بعض المستشرقين حين يثبتون الوحى إلى موسى وعيسى وينكرونه إلى محمد «صلىاللهعليهوسلم» رغم وحدة الصفات والخصائص ، ثم عرض للوحى إلى نبينا محمد «صلىاللهعليهوسلم» : بداياته ومظاهره.
__________________
١ ـ جان بول رو : الإسلام في الغرب ، تعريب : نجدة هاجر ص ٧ بيروت لبنان ١٩٦٠ م.