يلزم تكذيب جميع الأنبياء.
لذلك نقول : إن من لم يقبل نبوة أحدهم يلزمه التكذيب جميعهم ، فكل من نصر بعثة رسول مخصوص بما يؤدى إلى بطلان بعثة كل الرسل فيجب فساد قول الله.
نقول إن في ذلك رد برهانى على اليهود لأنهم زعموا أنه لا نبى بعد موسى ـ عليهالسلام ـ ومن ثم أنكروا نبوة عيسى ومحمد «صلىاللهعليهوسلم» محتجين بوجوه :
أحدها : قولهم إن «النسخ محال في نفسه لأنه يدل على البدء والتغيير وذلك محال على الله» (١).
الثانى : زعمهم أن موسى قال لهم «عليكم بدينى ما دامت السموات والأرض.
وأنه قال : إنى خاتم الأنبياء».
الثالث : إن محمدا لم تظهر على يده معجزة فلذلك هو ليس نبيا.
وهذا ما غرهم به ابن الراوندى الملحد ، فهو الذى لقنهم «الاحتجاج على عدم جواز النسخ ... بأن قال لهم : قولوا إن موسى ـ عليهالسلام ـ أمرنا أن نتمسك بالسبت ما دامت السموات والأرض ولا يجوز أن يؤمر الأنبياء إلا بما هو حق» (٢). وقول ابن الراوندى ولا يجوز أن يؤمر الأنبياء إلا بما هو حق» قولة حق يراد بها باطل.
أما افتراء اليهود على موسى ـ عليهالسلام ـ فإنه لو ثبت هذا القول ـ وحاشاه ـ .. لكان مبطلا لنبوة نفسه ... (فيلزمه) إذا كانت الآيات لا توجب تصديق غيره إذا أتى بها في شىء دعا إليه.
فهى غير موجبة تصديق موسى فيما أتى به ، إذ لا فرق بين معجزاته ومعجزات غيره. إذ بالآيات صحت الشرائع ولم تصح الآيات بالشرائع لأن تصديق الشريعة موجبة للآية. والآيات موجبة تصديق الشريعة» (٣).
فإن أنكروا شيئا من معجزات عيسى ومحمد «صلىاللهعليهوسلم» لزمهم في شرع موسى لزوما لا يجدون عنه محيصا وإذا اعترفوا به لزمهم تكذيب من نقل إليهم من موسى ـ عليهالسلام ـ قول الله إنى خاتم الأنبياء» (٤). فلو لم تثبت نبوة نبينا «صلىاللهعليهوسلم» لم يثبت شىء
__________________
١ ـ الغزالى : الاقتصاد في الاعتقاد ص ١٠٤.
٢ ـ باول كراوس وترجمة د. عبد الرحمن بدوى : من تاريخ الإلحاد في الإسلام ص ٧٨ مكتبة النهضة المصرية سنة ١٩٤٥ م.
٣ ـ ابن حزم : الفصل ج ١ ص ٨٨.
٤ ـ الغزالى : السابق ص ١٠٤.