ضرورة.
الرابع : أن الانشقاق قد وقع على عهد النبى كعلامة من أشراط الساعة لما ثبت «فى الصحيح عن ابن مسعود أنه قال (خمس مضين : الروم والدخان واللزام والبطشة والقمر)». ويعقب ابن كثير على قول ابن مسعود بأن هذا «أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع فى زمان النبى وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات» (١) وإليه ذهب الخازن حيث قال : «... وانشقاق القمر من آيات رسول الله «صلىاللهعليهوسلم» الظاهرة ومعجزاته الباهرة» (٢).
الخامس : أن الآية «على التقديم والتأخير وتقديره (انشق القمر واقتربت الساعة) فالفعلين إذا كانا متقاربين فلك أن تقدم وتؤخر» (٣).
انشقاق القمر إذن من أشراط الساعة وليس يقع يوم الساعة ـ كما فى ـ قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها)(٤) فقوله (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) يدل على أن أشراطها قد تحققت لأن لفظة ـ قد ـ إذا دخلت على الماضى تكون نصا على وجود الفعل فى الزمان الماضى القريب من الحال» (٥). ولأن الله تعالى «ذكر بلفظ الماضى (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) وحمل الماضى على المستقبل بعيد» (٦).
وفى التفسير الكبير للرازى : «أشراط العلامات. قال المفسرون هى مثل انشقاق القمر ورسالة محمد «صلىاللهعليهوسلم» (٧). وكذلك عند البيضاوى وفى الجلالين.
ولو لم يكن هذا ظاهرا بينهم لأنكروا ذلك وكذبوا قوله ولقالوا : لم ينشق القمر ولم يكونوا بحاجة إلى القول : إنه سحر مستمر فوضح بذلك أن انشقاق القمر من آيات رسول الله «صلىاللهعليهوسلم» ومن معجزاته النيرة.
أما اليهود والنصارى فقد أنكروا هذه المعجزة ـ فضلا عن إنكارهم معجزات نبينا كلها ـ وساقوا لذلك حجتين :
الأول : قولهم أنه «لو كان هذا لم يخف على أهل الأرض إذ هو شىء ظاهر لجميعهم إذ لم ينقل لنا عن أهل الأرض أنهم رصدوه تلك الليلة فلم يروه انشق» (٨).
__________________
١ ـ ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ج ٤.
٢ ـ تفسير الخازن ج ٤ ص ٢٢٦.
٣ ـ القرطبى : المصدر السابق.
٤ ـ محمد : من الآية ١٨.
٥ ـ رحمة الله الهندى : إظهار الحق ج ٢ ص ٤٧٨.
٦ ـ تفسير الخازن ج ٤ ص ٢٢٦.
٧ ـ الرازى : التفسير الكبير.
(٨) ـ القاضى عياض : الشفا ج ١ ص ٢٨٣.