الثانية : أن «الأجرام العلوية لا يأتى فيها الخرق والالتئام» (١) وفى مجال دفع هذه المزاعم ذهب الإمام القرطبى إلى أنه «قد ثبت بنقل الآحاد العدول أن القمر انشق بمكة وهو ظاهر التنزيل».
ويستدل على ذلك بوجوه :
الأول : لأنها «كانت ـ معجزة ـ ليلية لا يلزم أن يستوى الناس فيها» (٢) وقل من «يترصد السماء ولعله كان فى قدر اللحظة التى هى مدرك البصر» (٣) أى أنها لم تمتد زمانا طويلا.
الثانى : أنها من آيات التحدى فقد كانت باستدعاء النبى «صلىاللهعليهوسلم» من الله تعالى عند التحدى. فروى أن حمزة بن عبد المطلب حين أسلم غضبا من سب أبى جهل الرسول «صلىاللهعليهوسلم» طلب أن يريه آية يزداد بها يقينا فأراهم انشقاق القمر».
الثالث : أن القمر لاختلاف مطالعه «ليس فى واحد لجميع أهل الأرض فقد يطلع على قوم قبل أن يطلع على الآخرين ... أو يحول بين قوم وبينه سحاب أو جبال ولهذا نجد الكسوفات فى بعض البلاد دون بعض وفى بعضها جزئية وفى بعضها كلية وفى بعضها لا يعرفها إلا المدعون لعلمها (٤).
الرابع : ما جاء فى الإصحاح العاشر من سفر يوشع على وفق الترجمة العربية سنة ١٨٤٤ م .. هكذا : «حينئذ تكلم يوشع أمام الرب فى اليوم الذى وقع الأمورى فى يدى بنى إسرائيل. وقال إمامهم : أيتها الشمس مقابل جبعون لا تتحركى والقمر مقابل قاع ايلون فوقفت الشمس والقمر حتى انتقم الشعب من أعدائه .. فوقفت الشمس فى كبد السماء ولم تكن تعجل إلى الغروب يوما تاما» (٥).
وهذه الرواية باطلة لأن «قول يشوع (أيتها الشمس لا تتحركى) وقوله (فوقفت الشمس) يدل على أن الشمس متحركة والأرض ساكنة وإلا كان عليه أن يقول (أيتها الأرض لا تتحركى فوقفت الأرض) وهذا الأمر باطل بحكم علم الهيئة الجديدة الذى يعتمد عليه حكماء أوربا كلهم الآن ويعتقدون ببطلان القديم. لعل يشوع ما كان يعلم هذه الحال. أو هذه القصة كاذبة» (٦).
__________________
١ ـ رحمة الله الهندى : إظهار الحق ج ٢ ص ١٠٨.
٢ ـ القرطبى : الجامع لأحكام القرآن ج ١٧ ص ١٢٥.
٣ ـ القسطلانى : إرشاد السارى ج ٦ ص ١٩٦.
٤ ـ القاضى عياض : المصدر السابق ج ١ ص ٢٨٣.
٥ ـ يشوع : الأصحاح ١٠ : ١٢ ـ ١٣.
٦ ـ رحمة الله الهندى : إظهار الحق.