«عند ما ستأتى روح الحقيقية فسيجعلكم ترقون إلى الحقيقة بكاملها لأنه لن يتكلم بإرادته وإنما سيقول ما يسمع وسيعرفكم بكل ما سيأتى. وسيجرى ...» (١). ووجه الاستدلال بهذا النص على أن المراد (بفارقليط) النبى المبشر به وهو محمد «صلىاللهعليهوسلم» لا الروح النازل على تلاميذ عيسى ـ عليهالسلام ـ يوم الدار فيما يزعم نصارى اليوم. وجوه عدة منها :
الأول : أن «عيسى ـ عليهالسلام ـ قال : أولا (إن كنتم تحبونى فاحفظوا وصاياى) ثم أخبر عن فارقليط. فمقصوده ـ عليهالسلام ـ أن يعتقد السامعون بأن ما يلقى عليهم يعد ضرورى واجب الرعاية. فلو كان فارقليط عبارة عن الروح النازل يوم الدار لما كانت الحاجة إلى هذه الفقرة».
الثانى : أن هذا «الروح ـ على زعمهم ـ متحد بالأب مطلقا وبالابن نظرا إلى لاهوته اتحادا حقيقيا فلا يصدق في حقه (فارقليط آخر) بخلاف النبى المبشر به فإنه يصدق هذا القول في حقه بلا تكلف (٢).
فإن معنى (الفارقليط) إن كان هو الحامد أو الحامد أو الحمد أو المعزى فهذا الوصف ظاهر في محمد «صلىاللهعليهوسلم» (٣).
«ومهما اعتقد العلماء الباحثون أن حديث يسوع المسيح عن المعزى بلسانه الآرمى بأنه يمثل في دقة متناهية الترجمة اليونانيةPeroklytos التى تعنى المعجب Admirable أو الممجدLoriflied فكلمة الفارقليط تطابق كلمة محمد أو محمود فى اللغة العربية» (٤).
كما أن عبارة (الروح أو روح الحق لا تعنى أن النبى الآتى سيكون غير إنسان ، ففي كتاب العهد الجديد اليوناني أن عبارة (الروح) استخدمت عن الإنسان الموحى إليه. (الإنسان المحتوى بالاتصال الروحى بالسماء) أو (الإنسان المحتوى بالوحى).
فالإنسان الذى يصبح مستحوذا بالوحى السماوى هو الإنسان الذى ينطبق عليه عبارة (الروح) (٥).
والمثال على ذلك ما جاء في رسالة يوحنا الأول ٤ : ١ ـ ٣ «أيها الأحباء لا
__________________
١ ـ يوحنا ١٦ : ١٣ ـ ١٤.
٢ ـ رحمة الله الهندى : إظهار الحق ج ٢ ص ٥٤١ ـ ٥٤٢
٣ ـ ابن تيمية : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج ٤ ص ١٦.
٤ ـ ٥٦٧ ـ ١٤.p ،.Cit ،.JamesHastingop عن إبراهيم خليل أحمد : محمد في التوراة والإنجيل والقرآن ص ٥١ ـ دار المنار. القاهرة ١٤٠٩ ه ـ ١٩٨٩ م.
٥ ـ إبراهيم خليل أحمد : السابق ص ٥٣.