تصدقوا كل روح ، بل امتحنوا الأرواح هل هى من الله ، لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم بهذا تعرفون روح الله. كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء فى الجسد فهو من الله وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله ، وهذا هو روح ضد المسيح» (١).
وفضلا عن المعنى المقصود أن الروح مقصود بها الإنسان فإن هذا النص يشير إشارة واضحة إلى روح الحق الموعود به والمنتظر يعزف بالمسيح أن الله أوجده بكلمة منه في جسد مريم البتول بدون أب ثم أرسله رسولا منه.
ولا شك أنها لا تنطبق إلا على محمد «صلىاللهعليهوسلم» ويدلى المستشرق الفرنسى بوكاى بدلوه ويزيد الأمر وضوحا بأدلة منطقية تلمسها العقول النيرة والفطر السليمة فيقول : «إن ما يسود الرواية ـ رواية يوحنا السابقة ـ هو مستقبل البشرية الذى يتحدث عنه المسيح ... معطيا إرشاداته وأوامره ومحددا بشكل نهائى المرشد الذى على الإنسانية أن تتبعه بعد اختفائه» ولما ذهب بعض شراح إنجيل يوحنا أن الفارقليط هو الروح القدس.
مع أن النص يقول : أنه سمع ويتكلم.
يقول بوكاى. أن المعروض هنا من الدلالة المحددة لفعلى (يسمع) و (يتحدث) يسرى على كل محفوظات إنجيل يوحنا ... وفعل يسمع يعنى استقبال أصوات. أما فعل يتحدث معناه العام إصدار أصوات ، وخاصة صوت الكلام.
يبدو إذن أن الاتصال بالناس المقصود هنا لا يمكن مطلقا في إلهام من عمل الروح القدس. إنما هو اتصال ذو طابع مادى واضح وذلك بسبب مفهوم إصدار الصوت وهو المفهوم المرتبط بالكلمة اليونانية التى تعرفه (Parakletas) الفعلان اليونانيان Akouo وLaleo يعنيان فعليين ماديين لا يمكن أن يخصا إلا كائنا يتمتع بجهاز للسمع وآخر للكلام وبالتالى فتطبيق هذين الفعلين على الروح القدس أمر غير ممكن وذهب بعض الشراح إلى أن المقصود بكلمة (بارقليط) هو المسيح نفسه ، غير أن نص يوحنا الأول (١٤ : ١٥ ـ ١٦) «إذا كنتم تحبوننى ... سيعطيكم بارقليط آخر» يكذب ذلك إذ أنه يعنى أنه سيرسل وسيطا آخر ، كما كان هو وسيطا بين الله والبشر أثناء حياته.
يقول بوكاى : «يقودنا ذلك بمنتهى المنطق إلى أن نرى في الParaclet عند يوحنا كائنا بشريا مثل المسيح يتمتع بحاستى السمع والكلام وهما الحاستان اللتان
__________________
١ ـ أنظر إبراهيم خليل أحمد : السابق ص ٥٣.