إن قالوا بأنّها نزلت لذلك مقتصرا عليه و متعدّيا الى غيره، فلا، بل نقول : هو نزل عامّا لبيان التثبّت و ترك الاعتماد على قول الفاسق.
ثم قال : و يدلّ على ضعف قول من يقول أنّها نزلت لكذا، أنّ اللّه تعالى لم يقل : «إنّي أنزلتها لكذا»، و النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينقل منه أنّه بيّن أنّ الآية نزلت لبيان ذلك فحسب.
و قال أخيرا : فغاية ما في الباب أنّها نزلت في مثل ذلك الوقت، و هو مثل التاريخ لنزول الآية، و نحن نصدّق ذلك (١) .
و يرد عليه :
إنّ الظاهر منه أنّه يحصر سبب النزول في أن يقول اللّه : «أنزلت الآية لكذا» أو يصرّح الرسول بنزولها كذلك، و كذلك يبدو منه أنّه يعتبر في كون الشيء سببا للنزول أن يكون مدلول الآية خاصّا به لا عموم فيه.
و كلا هذين الأمرين غير تامّين :
أمّا الأوّل ، فلأنّ كون أمر ما سببا لمجيء الوحي و نزوله هو بمعنى أنّ اللّه أوحى إلى نبيّه من أجل ذلك، فلا حاجة إلى تصريح اللّه بأنّه أنزل الآية لكذا.
و أيضا فإنّا لم نجد و لا موردا واحدا، كان تعيين سبب النزول على أساس تصريح الباري بقوله : أنزلت الآية لكذا.
أ فهل ينكر الفخر الرازيّ وجود أسباب النزول مطلقا؟
و أورد عليه المحقّق الطهرانيّ بقوله : و أطرف شيء استدلاله على
__________________
(١) التفسير الكبير ج ٢٨ ص ١١٩).