ضعف قول من يقول «إنّها نزلت في كذا» أنّ اللّه تعالى لم يقل «إنّي أنزلتها لكذا» و النبيّ صلىاللهعليهوآله لم ينقل عنه أنّه بيّن ذلك.
فإنّ فهم هذا المعنى لا ينحصر في ما ذكره، بل مجرّد نزول الآية عند الواقعة مع انطباقها عليها يكفي في استفادة هذا المعنى (١) .
أمّا الثاني : فلأنّ عموم الآية لغير الواقعة، لا ينافي كون تلك الواقعة هي السبب لنزولها، فإنّ المراد بسبب النزول ليس هو المورد الخاصّ المنفرد الذي لا يتكرّر، بل قد يكون كذلك، و قد يكون هو أوّل الموارد الكثيرة باعتبار عموم موضوع الآية.
بل ــ كما ذكر المحقّق الطهرانيّ ــ : إنّ الوقائع في زمان نزول الآية كثيرة، مع أنّ ذكر المقارنات لنزول الآيات لا معنى له، بل نزول الآية في الواقعة لا معنى له، إلّا أنّها المعنيّة بها، و لو على وجه العموم (٢) .
و المتحصّل من البحث : أنّ الطرق المثبتة لنزول الآيات تنحصر في أخبار و روايات الصحابة الذين شاهدوا الوحي و عاصروا نزوله، و عاشوا الوقائع و الحوادث و ظروفها، و التابعين الآخذين منهم، و العلماء المتخصّصين الخبراء، و سيأتي البحث عن مدى اعتبار هذه الروايات في الفقرة التالية من البحث.
٣ ــ حجّيّة رواياتها
إنّ الباحث عن أسباب النزول يلاحظ بوضوح اتّسام رواياتها بالضعف أو عدم القوّة، عند العلماء حسب ما تقرّره قواعد علم الرجال، بل يجد
__________________
(١) محجّة العلماء (ص ٢٥٨).
(٢) محجّة العلماء (ص ٢٥٨).