اخرى أعظم من ذلك ; فقال : وما هو يا أبا إسحاق قال : فقلت : يابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ، ويخرج الزكاة ، ويتابع بين الحج والعمرة ، ويحض على الجهاد ، ويأثر على البر وعلى صلة الارحام ، ويقضي حقوق إخوانه ، ويواسيهم من ماله ، (١) ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وسائر الفواحش ، فمم ذاك؟ ولم ذاك؟ فسره لي يا بن رسول الله وبرهنه وبينه فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي وضاق ذرعي!
قال : فتبسم صلوات الله عليه ثم قال : ياإبراهيم خذ إليك بيانا شافيا فيما سألت ، وعلما مكنونا من خزائن علم الله وسره ، أخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما؟ قلت : يابن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من أفعالهم لو اعطي أحدهم مما(٢) بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن ولايتكم ومحبتكم إلى موالات غيركم وإلى محبتهم ما زال ، ولو ضربت خياشيمه(٣) بالسيوف فيكم ، ولو قتل فيكم ما ارتدع(٤) ولا رجع عن محبتكم وولايتكم ; وأرى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطي أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم ، ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع ، وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك(٥) وتغير لونه ، ورئي كراهية ذلك في وجهه ، بغضا لكم ومحبة لهم.
قال : فتبسم الباقر عليهالسلام ثم قال : يا إبراهيم ههنا(٦) هلكت العاملة الناصبة ، تصلى نارا حامية ، تسقى من عين آنية ، (٧) ومن أجل ذلك قال عزوجل : «وقدمنا إلى
________________
(١) أى يعاونهم من ماله.
(٢) في نسخة : ما.
(٣) جمع الخيشوم : أقصى الانف.
(٤) في نسخة : ما ابتدع.
(٥) أى انقبض ونفر كراهة منه.
(٦) في المصدر : من ههنا. م
(٧) أى بلغ إناه في شدة الحر.