يرميه من فمه «إلا لديه» حافظ حاضر معه ، يعني الملك الموكل به ، إما صاحب اليمين ، وإما صاحب الشمال ، يحفظ عمله ، لا يغيب عنه. والهاء في لديه تعود إلى القول أو إلى القائل. وعن أبي أمامة عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ أو المسئ ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها وإلا كتب واحدة. وفي رواية أخرى إن صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال ، فإذا عمل حسنة كتبها له صاحب اليمين بعشر أمثالها ، وإذا عمل سيئة فأراد صاحب الشمال أن يكتبها قال له صاحب اليمين : أمسك ، فيمسك عنه سبع ساعات ، فإن استغفر الله منها لم يكتب عليه شئ وإن لم يستغفر الله كتبت له سيئة واحدة.
وقال في قوله تعالى : «إن عليكم لحافظين» أي من الملائكة يحفظون عليكم ما تعملونه من الطاعات والمعاصي ، ثم وصف الحفظة فقال : «كراما» على ربهم «كاتبين» يكتبون أعمال بني آدم يعلمون ما تفعلون من خير وشر فيكتبونه عليكم لا يخفى عليهم من ذلك شئ. وقيل إن الملائكة تعلم ما يفعله العبد إما باضطرار وإما باستدلال. وقيل : معناه : يعلمون ما تفعلون من الظاهر دون الباطن.
١ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبدالله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن المؤمنين إذا قعدا يتحدثان قالت الحفظة بعضها لبعض : اعتزلوا بنا فلعل لهما سرا وقد ستر الله عليهما ; فقلت : أليس الله عزوجل يقول : «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد»؟ فقال : يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإن عالم السر يسمع ويرى.
٢ ـ كا : علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : أخبرني بأفضل المواقيت في صلاة الفجر ، فقال : مع طلوع الفجر إن الله تعالى يقول : «وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا» يعني صلاة الفجر تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ، فإذا صلى العبد الصبح مع(١) طلوع الفجر أثبتت له مرتين ، أثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار. «ف ج ١ ص ٧٨»
________________
(١) في نسخة من المصدر : من طلوع الفجر. م