من حيث إن الاتكاء
جلسة راحة ودعة ، ولا يكون ذلك إلا على الوسائد والنمارق
« وزوجناهم بحور عين » فالحورالبيض
النقيات البياض في حسن وكمال ، والعين : الواسعات
الاعين في صفاء وبهاء ومعاه : قرنا هؤلاء المتقين بحور عين على وجه التمتيع لهم و
التنعيم ، وعن زيد بن أرقم قال : جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله (ص) فقال : يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ فقال : والذي نفسي بيده إن
الرجل منهم ليؤتى قوة مائة رجل على الاكل والشرب والجماع ، قال : فإن الذي
يأكل ويشرب يكون له الحاجة! فقال : عرق يفيض مثل ريح المسك فإذا كان ذلك
ضمر له بطنه « وأمدد ناهم بفاكهة » أي أعطيناهم حالا بعد حال فإن الامداد
هوالاتيان
بالشئ بعدالشئ « يتنازعون فيها كأسا » أي يتعاطون كأس الخمرهم وجلساؤهم بتجاذب
« لا لغو فيها ولا تأثيم » أي لا يجري
بينهم باطل لان اللغو مايلعى ، ولا مافيه إثم كما
يجري في الدنيا من شرب الخمر ، والتأثيم تفعيل من الاثم يقال : أثمه : إذا جعله
ذا إثم ، يعني أن تلك الكأس لا تجعلهم آثمين ، وقيل : معناه : لا يتسابون عليها
ولا يؤثم
بعضهم بعضا « ويطوف عليهم » للخدمة « غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون » في الحسن
والصباحة والصفاء والبياض. والمكنون : المصون المخزون ، وقيل : إنه ليس على
الغلمان مشقة في خدمة أهل الجنة ، بل لهم في ذلك اللذة والسرور ، إذليست تلك
الدار دار محنة ، وذكر عن الحسن أنه قال : قيل : يارسول الله الخادم كاللؤلؤ فكيف
المخدوم؟ فقال : والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة
البدر على سائر الكواكب « وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون » أي يتذاكرون ما
كانوا فيه من التعب والخوف في الدنيا ، عن ابن عباس ، وهو قوله : « قالوا إنا كنا
قبل في أهلنا مشفقين » أي خائفين في دار الدنيا من العذاب « فمن الله علينا » بالمغفرة
« ووقينا عذاب السموم » أي عذاب جهنم ، والسموم
من أسماء جهنم ، عن الحسن ، وقيل : إن المعني : يسأل بعضهم بعضا عما فعلوه في الدنيا فاستحقوا به المصير إلى
الثواب
والكون في الجنان فيقولون : إنا كنا في دارالتكليف مشفقين أي خائفين رقيقي القلب ،
والسموم : الحر الذي يدخل في مسام البدن يتألم به ، وأصله من السم الذي هو