عن عبدالله بن حماد ، عن عبدالله الاصم ، عن مسمع كردين ، (١) عن أبى عبدالله (ع) قال : إن الموجع قلبه لناليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لاتزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض ، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه ، حتى إنه ليذيقه من ضروب الطعام مالايشتهي أن يصدر عنه ، يامسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، ولم يشق بعدها أبدا ، وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل ، أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، وأصفى من الدمع ، وأذكى من العنبر ، يخرج من تسنيم ، ويمر بأنهار المجنان ، تجري على رضراض (٢) الدر والياقوت ، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء ، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام ، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر ، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة ، حتى يقول الشارب منه : ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بدلا ولا عنه تحويلا ، أما إنك يا كردين ممن تروى منه ، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر ، وسقيت منه من أحبنا ، و إن الشارب منه ليعطى من اللذة والطعم والشهودة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا ، وإن على الكوثر أميرالمؤمنين وفي يده عصاء من عوسج (٣) يحطم بها أعداءنا ، فيقول الرجل منهم : إني أشهد الشهادتين ، فيقول : انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك ، فيقول : تبر أمني إمامي الذي تذكره ، فيقول : ارجع وراءك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق فاسأله ـ إذكان عندك خير الخلق ـ أن يشفع لك ، فإن خيرالخلق حقيق أن لايرد إذاشفع ، فيقول : إني أهلك عطشا ، فيقول : زادك الله ظما وزادك الله عطشا. قلت : جعلت فداك وكيف يقدر على الدنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره؟ قال : ورع عن أشياء قبيحة وكف عن شتمنا إذاذكرنا ، وترك أشياء اجترأ عليها غيره ، وليس ذلك لحبنا ولالهوى منه لنا ولكن ذلك لشدة اجتهاده في عبادته
____________________
(١) مسمع بكسر الميم وسكون السين وفتح الميم الثاني ، وكردين بضم الكاف ـ وقيل بكسرها ـ وسكون الراء وكسر الدال ، هو مسمع بن عبدالملك كردين أبوسيار ، شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها يروى عن الباقر والصادق والكاظم عليهمالسلام.
(٢) تقدم معناه من المصنف ذيل الحديث الثالث.
(٣) العوسج من شجر الشوك.