« يتجرعه » أي يشرب ذلك الصديد جرعة « ولايكاد يسيغه » أي لا يقارب أن يشربه تكرها له وهو يشربه ، والمعنى أن نفسه لا تقبله لحرارته ونتنه ولكن يكره عليه « ويأتيه الموت من كل مكان » أي يأتيه شدائد الموت وسكراته من كل موضع من جسده ، ظاهره وباطنه حتى يأتيه من أطراف شعره ، وقيل : يحضره الموت (١) من كل موضع ، ويأخذه من كل جانب ، من فوقه وتحته وعن يمينه وشماله وقدامه وخلفه ، عن ابن عباس والجبائي. « وماهو بميت » أي ومع إتيان أسباب الموت و الشدائد التي يكون معها الموت من كل جهة لايموت فيستريح « ومن ورائه » أي ومن وراء هذا الكافر « عذاب غليظ » وهو الخلود في النار ، وقيل : معناه : ومن بعدهذا العذاب الذي سبق ذكره عذاب أو جمع وأشد مما تقدم وفي قوله : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمهة الله كفرا يحتمل أن يكون المراد : عرفوا نعمة الله بمحمد ، أي عرفوا محمدا ثم كفروا به فبدلوا مكان الشكر كفرا.
وروي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : نحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده وبنا يفوز من فاز. ويحتمل أن يكون المراد جميع نعم الله على العموم ، بدلوها أقبح التبديل ، إذ جعلوا مكان شكرها الكفربها « وأحلوا قومهم دار البوار » أي أنزلوا قومهم دارالهلاك بأن أخرجوهم إلى بدر ، وقيل : هي النار بدعائهم إياهم إلى الكفر « جهنم يصلونها » تفسير لدار البوار « وبئس القرار » قرار من قراره النار. (٢)
وفي قوله تعالى : « وإن جهنم لموعدهم أجمعين » أي موعد إبليس ومن تبعه « لهاسبعة أبواب » فيه قولان : أحدهما ما روي عن أميرالمؤمنين عليهالسلام أن جهنم لها سبعة أبواب أطباق بعضها فوق بعض ـ ووضع إحدى يديه عل الاخرى فقال : هكذا ـ
____________________
(١) قال السيد الرضى قدس الله روحه في التلخيص : لوكان المو الحقيقى لم يكن سبحانه ليقول : « وماهوبميت » وإنما المعنى أن غواشى الكروب وحوازب الامور تطرقه من كل مطرق وتطلع عليه من كل مطلع ، وقد يوصف المغمور بالكرب والمضغوط بالخطب بأنه في غمرات الموت مبالغة في عظيم مايغشاه وأليم مايلقاه.
(٢) في التفسير المطبوع : بئس القرار من قراره النار.