تفسير : قال الطبرسي رحمهالله في قوله تعالى : « تجري من تحتها » أي من تحت أشجارها ومساكنها « الانهار » واستعمل الجري في النهر توسعا لانه موضع الجري « كلما رزقوا منها » أي من الجنات ، والمعنى : من أشجارها « من ثمرة رزقا » أي اعطوا من ثمارها عطاء ، أو اطعموا منها طعاما ، لان الرزق عبارة عما يصح الانتفاع به ولا يكون لاحد المنع منه « قالوا هذا الذي رزقنا من قبل » فيه وجوه : أحدها أن ثمار الجنة إذا جنيت من أشجار ها عاد مكانها مثلها فيشتبه عليهم فيقولون : « هذا الذي رزقنا من قبل » عن أبي عبيدة ويحيى بن أبي كثير.
وثانيها : أن معناه : هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا ، عن ابن عباس وابن مسعود. وقيل : هذا هوالذي وعدنا به في الدنيا.
وثالثها : معناه : هذا الذي رزقناه من قبل في الجنة ، أي كالذي رزقناو هم يعلمون أنه غيره ، ولكنهم شبهوه به في طعمه ولونه وريحه وطيبه وجودته ، عن الحسن وواصل.
قال لشيخ أبوجعفر رحمهالله : وأقوى الاقوال قول ابن عباس لانه تعالى قال : « كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا » فعم ولم يخص ، فأول ما اتوابه لا يتقدر فيه هذا القول إلا بأن يكون إشارة إلى ماتقدم رزقه في الدنيا ، ويكون التقدير : هذا مثل الذي رزقناه في الدنيا ، لان مارزقو في الدنيا فقد عدم ، فأقام المضاف إليه مقام المضاف.
« واتوا به متشابها » فيه وجوه : أحدها : أنه أراد مشتبها في اللون مختلفا في العظم. وثانيها : أن كلها متشابه خيار لا رذل فيه. وثالثها : أنه يشبه ثمرالدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب. ورابعها : أنه يشبه بعضه بعضا في اللذة وجميع الصفات.
وخامسها : أن التشابه من حيث الموافقة ، فالخادم يوافق المسكن ، والمسكن يوافق الفرش ، وكذلك جميع ما يليق به « ولهم فيها أزواج » من الحورالعين ، وقيل : من نساء الدنيا ، قال الحسن : هن عجائزكم الغمص الرمص العمش (١) طهرن من قذرات
____________________
(١) الغمص بضم الاول وسكون الثاني جمع غمصاء وهى التى سال من عينها الغمص أى الرمص ، والرمص هو وسخ أبيض في مجرى الدمع من العين ، والعمش جمع عمشاء وهى التى ضعف بصرها مع سيلان دمعها في أكثر الاوقات.