يقول الله : طوبى لمن دخلك. « ورضوان من الله أكبر » رفع على الابتداء ، أي ورضى الله تعالى عنهم أكبر من ذلك كله ، قال الجبائي : إنما صارالرضوان أكبر من الثواب لانه لا يوجد منه شئ إلا بالرضوان وهو الداعي إليه الموجب له ، وقال الحسن : لان ما يصل إلى القلب من السرور برضوان الله أكبر من جميع ذلك « ذلك الفوز العظيم » أي ذلك النعيم الذي وصفت هوالنجاح العظيم الذي لا شئ أعظم منه.
وفي قوله تعالى : « يهديهم ربهم بإيمانهم » أي إلى الجنة « تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم » أي تجري بين أيديهم وهم يرونها من علو ، قيل : معناه من تحت بساتينهم وأسرتهم وقصورهم ، وقوله : « بإيمانهم » يعني جزاء علي إيمانهم « دعويهم فيها » أي دعاء المؤمنين في الجنة وذكرهم فيها أن يقولوا : سبحانك اللهم يقولون ذلك لا على وجه العبادة ، لانه ليس هناك تكليف ، بل يلتذون بلتسبيح ، وقيل : إنهم إذا مربهم الطير في الهواء ويشتهونه قالوا : « سبحانك اللهم » فيأتيهم الطير فيقع مشويا بين أيديهم ، وإذا قضوا منه الشهوة قالوا : « الحمدلله رب العالمين » فيطير الطير حيا كما كان ، فيكون مفتتح كلامهم في كل شئ التسبيح ، ومختتم كلامهم التحميد ، ويكون التسبيح في الجنة بدل التسمية في الدنيا ، عن ابن جريح « وتحيتهم فيها سلام (١) » أي تحيتهم من الله سبحانه في الجنة سلام ، وقيل : معناه : تحية بعضهم لبعض فيها أو تحية الملائكه لهم فيها سلام ، يقولون : سلام عليكم أي سلمتم من الآفات والمكاره التي ابتلى بها أهل النار « آخردعواهم أن الحمد لله رب العالمين » أي يجعلون هذا آخر كلامهم في كل ما ذكروه.
وفي قوله سبحانه : « وأخبتوا إلى ربهم » أي أنابوا وتضر عوا إليه ، وقيل : أي اطمأنوا إلى ذكره ، وقيل خضعوا له وخشعوا إليه ، والكل متقارب.
وقال البيضاوي في قوله تعالى : ويدرؤن بالحسنة السيئة : أي يدفعونها
____________________
(١) قال الرضى : هذه استعارة على بعض الاقوال ، كان المعنى أن بشراهم بالسلام من المخاوف عند دخول الجنة فجعل مكان التحية لهم لان لكل دارا تحية يلقى بها ويؤنس بسماعها ، والسلام ههنا من السلامة لامن التسليم. راجع تلخيص البيان في مجازات القرآن ص ٦٨.