له بحكم الله تعالى ، لانه قد هذب طباعهم فلا يدعون إلا ما يحسن منهم ، قال الزجاج : هو مأخوذ من الدعاء ، يعني أن أهل الجنة كل ما يدعونه يأتيهم « سلام » أي لهم سلام ، ومنى أهل الجنة أن يسلم الله عليهم « قولا » أي يقوله الله قولا « من رب رحيم » بهم يسمعونه من الله فيؤذنهم بدوام الامن والسلامة مع سبوغ النعمة والكرامة ، وقيل : إن الملائكة تدخل عليهم من كل باب يقولون : سلام عليكم من ربكم الرحيم.
وفي قوله تعالى : « اولئك لهم رزق معلوم » جعل لهم التصرف فيه وحكم لهم به في الاوقات المستأنفة في كل وقت شيئا معلوما مقدرا « فواكه » هي جمع فاكهة يقع على الرطب واليابس من الثمار ، كلها يتفكهون بها ويتنعمون بالتصرف فيها « وهم مكرمون » مع ذلك أي معظمون مبجلون « في جنات النعيم » أي وهم مع ذلك في بساتين فيها أنواع النعيم « على سرر متقابلين » يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض ، ولايرى بعضهم قفا بعض « يطاف عليهم بكأس » وهوالاناء بما فيه من الشراب « من معين » أي من خمر جارية في أنهار ظاهرة العيون ، وقيل : شديدة الجري. ثم وصف الخمر فقال : « بيضاء » وصفها بالبياض لانها في نهاية الرقه مع الصفاء واللطافة النورية التي لها ، قال الحسن : خمرالجنة أشد بياضا من اللبن ، وذكر أن قراءة ابن مسعود « صفراء » فيتحمل أن يكون بيضاء الكأس صفراء اللون « لذة » أي لذيذة للشاربين ليس فيها ما يعتري خمر الدنيا من المرارة والكراهة « لا فيها غول » أي لا يغتال عقولهم فيذهب بها ولا يصيبهم منها وجع في البطن ولا في الرأس ، ويقال للوجع غول لانه يؤدي إلى الهلاك « ولاهم عنها ينزفون » قرأ أهل الكوفة غير عاصم « ينزفون » بكسر الزاي ، والباقون بفتحها ، وكذلك في سورة الواقعة إلا عاصم ، فإنه قرأههنا بفتح الزاي ، وهناك بكسرها ، قال أبوعلي : يكون أنزف على معنيين : أحدهما بمعنى سكر ، والآخر بمعنى أنفد شرابه ، فمن قرأ « ينزفون » يجوزأن يريد : لا يسكرون عند شربها ، ويجوز أن يريد : لا ينفد ذلك عندهم كما ينفد شراب أهل الدنيا ، ومن قرأ بالفتح فهو من نزف الرجل فهو منزوف ونزيف : إذا ذهب عقله بالسكر. قال ابن عباس : معناه