وفي قوله تعالى : « الذين آمنوا بآياتنا » أي صدقوا بحججنا ودلائلنا واتبعوها « وكانوامسلمين » أي مستسلمين لامرنا خاضعين منقادين ، ثم بين سبحانه ما يقال لهم بقوله : « ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم » اللاتي كن مؤمنات مثلكم ، وقيل : أزواجكم من الحور العين في الجنة « تحبرون » أي تسرون وتكرمون « يطاف عليهم بصحاف » أي بقصاع من ذهب فيها ألوان الاطعمة « أكواب » أي كيزان لا عرى لها ، وقيل : بآنية مستديرة الرأس ، اكتفى سبحانه بذكرالصحاف والاكواب عن ذكر الطعام والشراب « وفيها ما تشتهيه الانفس » من أنواع النعيم المشروبة والمطعومة والملبوسة والمشمومة وغيرها « وتلذالاعين » بالنظر إليه ، قد جمع الله سبحانه بذلك مالو اجتمع الخلائق كلهم على أن يصفوا ما في الجنة من أنواع النعيم لم يزيدوا على ما انتظمته هاتان اللفظتان.
وفي قوله تعالى : « في مقام أمين
» أمنوا فيه الغير من الموت والحوادث ، وقيل : أمنوا من الشيطان والاحزان « يلبسون من سندس وإستبرق » قيل : السندس : مايلبسونه
والاستبرق : مايفترشونه « متقابلين » في المجالس ، وقيل متقابلين بالمحبة لا
متدابرين
بالبغضة « كذلك » حال أهل الجنة « وزوجناهم بحور عين » قال الاخفش : المراد به
التزويج المعروف ، وقال غيره : لا يكون في الجنة تزويج ، والمعنى : وقرناهم
بحورعين
« يدعون فيهابكل فاكهة آمنين » أي يستدعون
فيها بأي ثمرة شاؤوا واشتهوه غير خائفين
فوتها ، آمنين من نفادها ومضرتها ، وقيل : آمنين من التخم والاسقام والاوجاع « لا
يذوقون فيها الموت » شبه الموت بالطعام الذي يذاق ويتكره عندالمذاق ، ثم نفى ذلك
أن يكون في الجنة ، وإنما خصهم بأنهم لا يذوقون الموت مع أن جميع أهل الآخرة لا
يذوقون الموت لما في ذلك من البشارة لهم بالحياة الهنيئة في الجنة ، فأما من يكون
فيما هو كالموت في الشدة فإنه لا يطلق له هذه الصفة ، لانه يموت موتات كثيرة بما
يقاسيه من العقوبة « إلا الموتة الاولى » قيل : معناه : بعدالموتة الاولى ، وقيل :
معنا : لكن الموتة الاولى قدذاقوها ، وقيل : سوى الموتة الاولى « ووقاهم عذاب الجحيم » أي فصرف عنهم عذاب النار ، استدلت المعتزلة بهذا على أن الفاسق الملي لا يخرج من
النار لانه لا يكون قدوقي النار ، والجواب عن ذلك أن هذه الآية يجوز أن تكون