الامام الصادق عليهالسلام بأن جيش المسلمين اذا حاصر قوما من المشركين فأشرف رجل وقال : اعطوني الأمان حتى ألقى صاحبكم واناظره ، فأعطاه أدناهم الأمان وجب على أفضلهم الوفاء به (٤٠).
وقام الأئمة من أبنائه عليهالسلام بالمحافظة على هذه النواميس التي فيها الإبقاء على الجامعة ، فما زالوا يوصون شيعتهم بحرمة الجوار وان كان المجير عبدا أو امرأة ، وتناهوا فيه حتى عدّوا الإيماء بالأمان لازم الوفاء به ، وان من أعطى الأمان بأي لغة فلا تخفر ذمته ووجب الوفاء به (٤١).
وانت اذا عرفت ما هتفت به العادة من حُسن حماية الجوار والذبّ عن النزيل ، وما أيّته الشريعة الإلهية تعرف أن ما قام به « هاني بن عروة » من هذه المأثرة في حماية ابن عقيل عليهالسلام واجارته مما يمدح عليه في حد ذاته ، لكن في الحقيقة ان ما قام به « هاني » منبعث عما هو أرقى من تلك الناحية وهو جهة دينية وعقيدة راسخة بأن الحسين عليهالسلام هو الإمام المفترض طاعته ، وحيث ان « مسلما » ممثل حجة الله على الخلق كان الواجب الأخذ بعضده والدفاع عنه ، وكلاءته عن عادية الشقي وأنه من أداء أجر الرسالة.
وان صبّه في مجلس ابن زياد في قالب التقليد والعادة فقال : إني ما دعوته الى منزلي حتى رأيته على باب داري ، وسألني النزول فاستحييت من ردّه ودخلني من ذلك ذمام ، فأدخلته داري وضيّفته وآويته ـ الخ.
فان هانيا لم يسعه في ذلك الموقف الحرج إلا أن يعتذر بما يقتضيه الحفاظ والغيرة. كيف لا وهوبين ناب الدعيّ ومخلبه مغلوب على أمره فحسب أنه سوف يجديه اخفاء أمر مسلم لكنه لم ينتفع بهذه المعاذير بعد قيام « معقل » جاسوس ابن مرجانة ، وقد أعلم ابن زياد بكل ما وقف عليه من أمر مسلم في دار هاني.
وعلى هذا فما ذكره ابن جرير الطبري من قول هاني لمسلم : لقد كلّفتني شططاً ولولا دخولك داري لسألتك الخروج عنّي غير إنّي يأخذني من ذلك ذمام وليس يردّ مثلي على مثلك عن جهل ، ثم آواه ، وكذا ما ذكره من أن هانيا قال لشريك : لا أحبّ أن يقتل
__________________
٤٠) الوسائل ج٢ ص٤٢٥ عين الدولة.
٤١) المستدرك للنوري ج٢ ص٢٥٠.