وهكذا يبقى الشيعة هدفاً لاتهامات من لا يرعوي لصدق ولا يذعن لحق.
وما أدري ما ذنب الشيعة إذا كانوا رووا ما رواه غيرهم أيضاً في أحداث يوم هجوم الشلّة على دار الزهراء عليهاالسلام ، وكان منها إسقاط المحسن ، وقد مرت بنا في الفصول الثلاثة أسماء من اعترفوا بالمحسن كحقيقة ثابتة ، ثم مرّ بنا في الفصل الثاني من زعم أنه مات صغيراً ، وذلك ستراً على المهاجمين ، ثم قرأنا أسماء من ذكروا أنه كان سقطاً ، وكل اولئك من غير الشيعة ، فلماذا يدان الشيعة ويُندّد بهم ؟
والجواب بكل بساطة : لأنّهم تبعوا الحق فقالوا الحقيقة ، وهذا يدين رموز الخالفين بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإدانة فيها المهانة ، وهذا لا ينبغي في لغة الحاكمين ، ومع كل ما اتخذوا من وسائل الإغراء والوعيد في رفع الإصر عنهم لم يتمكنوا من كمّ الأفواه جميعاً ، فوصل إلينا ما قد وصل ، ولنا الحجة على المنكرين فيما حصل.
ولنختم هذا الباب ـ الثاني ـ بحوار جرى بين ابن أبي الحديد المعتزلي ، وبين شيخه الشريف يحيى بن أبي زيد العلوي الزيدي ( المتوفى قبل ٦٤٤ هـ ) ، فقد روى ابن أبي الحديد في شرح النهج (١) عن ابن إسحاق خبر ترويع هبار بن الأسود الفهري لزينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فروّعها بالرمح وهي في الهودج وكانت حاملاً ، فلما رجعت طرحت ما في بطنها ، وقد كانت من خوفها رأت دماً وهي في الهودج ، فلذلك أباح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم فتح مكة دم هبار بن الأسود (٢).
_____________________
١ ـ شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ : ٣٥١.
٢ ـ قال ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة زينب عليهاالسلام : وتوفيت زينب بنت رسول الله في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سنة ثمان من الهجرة ، وكان سبب موتها أنها لما خرجت من مكة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عمد لها هبار بن الاسود ورجل آخر ، فدفعها أحدهما فيما ذكروه ، فسقطت على صخرة فأسقطت وأهرقت الدماء ، فلم يزل بها مرضها ذلك حتى ماتت سنة ثمان من الهجرة.