السعادة ، وأيضاً طبعته الثالثة سنة ١٣٧٧ هـ ، وقد كتب عليها مزيدة ومنقحة في ج ٣ ، ص ٨٦ ، وفي طبعة دار الفكر في بيروت ، وطبعة دار الأندلس أيضاً في بيروت ، فجميعها حذفت منها جملة : ( كما أرهب بنو هاشم وجمع لهم الحطب لإحراقهم ) وبقيت جملة ( إذ هم أبو البيعة فيما سلف ... ) وشاء الله تعالى أن يظهر الحق ، فعمي المحققون لهذه الطبعات عما نمّ به السارق على نفسه ، حين أبقوا جملة : ( إذ هم أبو البيعة فيما سلف ... ) وهي لا تتفق مع السياق إلّا بإثبات جملة ما حذفوه ، وهي : ( كما أرهب بنو هاشم وجمع لهم الحطب لإحراقهم ).
وما أدري كيف استساغ أولئكم النفر المحققون والناشرون تمرير العبارة مع وضوح الإشارة ؟! هذا فعل المصريين والبيروتيين في طبعاتهم الحديثة.
أما فعل المستشرقين الّذين حققوا كتاب مروج الذهب وطبعوه ، فقد اطلعت على طبعة حققها ( شارل بلا ) من منشورات الشريف الرضي بقم ، فقد ذكر في هامش ج ٣ / ٢٧٦ برقم ١٩٣٤ الجملة المحذوفة ، وأشار إلى أنها عن نسخة ( م ).
ولم يكن كتاب مروج الذهب هو الأوّل والآخر في وقوع التحريف فيه ، فهناك كتب اخرى طالتها يد العبث إما بتحريف أو تصحيف أو حذف لغرض التعتيم ، وسنأتي على ذكر بعضها مما يقع في مصادر بحثنا إن شاء الله تعالى.
ونعود إلى المسعودي فقد قال بعد حكايته الخبر المشار إليه آنفاً نقلاً عن كتاب النوفلي ، فقال المسعودي معقباً عليه : ( وهذا خبر لا يحتمل ذكره كتابنا هذا ، وقد أتينا على ذكره في كتابنا في مناقب أهل البيت وأخبارهم ، المترجم بكتاب حدائق الأذهان ).
أقول : إنّ تعقيب المسعودي يكشف لنا مدى مبلغ التقية عنده ، كما يكشف عن مدى الحصار الثقافي في أيامه ، وذلك ما أودى بكثير من الحقائق ، ولمّا كانت الرقابة على المؤرخين تخضعهم لأهواء الحاكمين ، فلا بد أن تضيع المعالم والرسوم.