فإذا تمت لك القراءة وشط بعدها بك العناد لقداسة الموروث عندك وقد نخر جوانحك ، فعليك أن تستعد للإجابة على عدة استفهامات يطرحها من تراه خصماً ، وقد استلّها من تراثك الذي تعتز به وترجع إليه. وإن أصحابه عندك هم حفظة الآثار ونقلة الأخبار ، وغير متهمين عليك في ولائهم وانتمائهم لمن تتولّى ، وقد اعتدى بعد ما تولّى.
أما إذا عجزت عن الجواب فعليك أن تخضع للحقيقة ، وإن كانت النتائج محزنة ومخزية ، محزنة لك ومخزية لأولئك النفر الذين يعيشون على فتات القداسة ، مما نثرته السياسة بحجة وبغير حجة.
وسوف تتجلّى لك الحقائق التي اُحيطت بضبابية كادت ولمّا ، تمحو كل ما في خزين الذاكرة عن أحداث ذلك العهد ، وليس من حقك أن تشهر سلاحك بوجه من يقول لك هلمّ فاقرأ كتابيه ، فإنّه القول الفصل وما هو بالهزل ، وكيف بك إذا قال لك هلمّ نقرأ آيات من سورة التوبة ، فهل يسعك الرفض وتشيح بوجهك عنها وعنه ؟
اللهم ما عليك إن كنت مسلماً حقاً إلا أن تستجيب لما يتلو عليك من قول الله سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ * مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (١).
_____________________
١ ـ التوبة : ١١٩ ـ ١٢١.