الحبال ، ثم حارب وواصل وسالم ونكح النساء وطلّق ، وترككم عن حجة بيّنة وطريق ناهجة ، فإن يك ما يقول ابن الخطاب حقاً فإنّه لن يعجز الله أن يحثو عنه فيخرجه إلينا ، وإلّا فخل بيننا وبين صاحبنا ، فإنّه يأسن كما يأسن الناس.
فهذا الخبر يكشف لنا عن أمور هي كما يلي :
١ ـ ثمة غبار يُثار عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيؤذيه ، فيشير عليه عمه العباس باتخاذ ما يدفع عنه الغبار.
٢ ـ وثمة خصومة مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أشار إليها عمه بقوله : ويرد عنك الخصم.
٣ ـ وثمة سخط وألم من أولئك الذين يؤذون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فينازعونه رداءه ، ويطؤون عقبه ، ويغشونه غبارهم ، وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم يصبر على جميع ذلك حتى يكون الله يخرجه منهم.
٤ ـ وثمة مقالة عمر الفجة الجوفاء الحمقاء بإنكار موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والقرآن فيه : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) (١) وفيه : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ) (٢) وفيه : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ .. ) (٣) فهل يعقل أنّ عمر كل هذا لم يقرأه ولم يسمعه.
وهب أنّ ذلك كله كان ، أفهل نسي حديث الكتف والدواة الذي انبرى هو للرد على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بكلمته الجافية النابية : ( إنّه يهجر ).
٥ ـ ثم ما باله يصف من قال مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمنافقين ، فمن هم أولئك ؟ إنّها مكابرة وقحة ، وجرأة عظيمة على أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٦ ـ وفي قيام العباس للرد عليه في سؤاله من الناس عمّن عنده عهد أو عقد من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي هذا كشف عمّا تكنّه الصدور ، وتقرير بأن ليس عند
_____________________
١ ـ الزمر : ٣٠.
٢ ـ الأنبياء : ٣٤.
٣ ـ آل عمران : ١٤٤.