واحد من الناس أيّ عهد أو عقد يمكن أن يحتج به بعد ذلك ، وهي لفتة بارعة تدلّ على حنكة وحزم في مثل ذلك الموقف الرهيب أمام الوعيد العمري.
٧ ـ وأخيراً يكشف آخر الخبر أنّ عمر كان ممانعاً من تجهيز الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لذلك قال العباس : فخل بيننا وبين صاحبنا ، فانّه يأسن كما يأسن الناس.
وهذا الخبر رواه ابن سعد في الطبقات ، والدارمي في سننه ، وابن حجر في فتح الباري ، وغيرهم بتفاوت يسير في ألفاظهم (١).
النص الثاني : عبد الرزاق (٢) قال : أخبرنا معمر عن الزهري ، قال : أخبرني أنس بن مالك أنّه سمع خطبة عمر الآخرة ، حين جلس على منبر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وذلك الغد من يوم توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فتشهد عمر وأبو بكر صامت لا يتكلم ، ثم قال عمر : أما بعد ، فإنّي قلت مقالة وإنّها لم تكن كما قلت ، وإنّي والله ما وجدت المقالة التي قلت في كتاب الله تعالى ، ولا في عهد عهده إليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولكنّي كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى يدبرُنا ـ يريد بذلك حتى يكون آخرنا ـ فإن يك محمد قد مات فإنّ الله قد جعل بين أظهركم نوراً تهتدون به ، هذا كتاب الله فاعتصموا به تهتدون لما هدى الله به محمداً صلىاللهعليهوسلم ، ثم إن أبا بكر صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وثاني اثنين ، وانّه أولى الناس بأموركم ، فقوموا فبايعوه.
وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة ، وكانت بيعة العامة على المنبر ، قال الزهري : ، أخبرني أنس ، قال : لقد رأيت عمر يُزعج أبا بكر إلى المنبر إزعاجاً.
وهذا الخبر أخرجه ابن سعد في الطبقات (٣) إلى ذكر كتاب الله والاهتداء به ، إلا أنّ البخاري رواه في صحيحه كما في فتح الباري (٤) ، وفي آخره : سمعت عمر
_____________________
١ ـ طبقات ابن سعد ٢ : ٢٦٦ ، والدارمي في سننه ١ : ٢٢ وابن حجر في فتح الباري ٨ : ١٠٣.
٢ ـ المصنف ٥ : ٤٣٧.
٣ ـ طبقات ابن سعد ٢ : ٢٧٠.
٤ ـ صحيح البخاري ، فتح الباري ١٣ : ١٦٤ ـ بتمامه.