لا نورّث ما تركنا صدقة ... ، ولم تذكر لنا عائشة عن فاطمة والعباس ردّهما على ذلك لا نفياً ولا إثباتاً ، واكتفى الراوي بقوله : فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت.
ولدى مراجعة شروح البخاري كالفتح للعسقلاني ، والإرشاد للقسطلاني ، والدراري للكرماني ، فلم نجد فيها ما يفسّر لنا المراد من قول عائشة : ( وهما حينئذٍ يطلبان أرضيهما من فدك ، وسهمهما من خيبر ) وكيف يصح أن يأخذ أبو بكر أرض القرابة المختصة بهم ، وما لهم من سهم في خيبر بحجة رواية : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) فإنّ ذلك ليس من الصدقات في شيء ، ولا من الميراث بل هو من مختصاتهم ، كسائر مختصات باقي الناس التي يملكونها.
ثم ما بال أبي بكر لم يخضع سهام باقي الصحابة في خيبر لحجته المزعومة : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) فيستولي عليها كما استولى على أرضي فاطمة والعباس وسهمهما من خيبر ؟ فإنّ ذكر مقاسم خيبر وأموالها بعد فتحها ذكرته كتب السيرة ، كسيرة ابن إسحاق ، وعنها سيرة ابن هشام وغيرهما ، وجاء فيها : ( وكانت عدة الذين قُسّمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألف سهم وثمان مئة سهم ، رجالهم وخيلهم ، الرجال أربع عشرة مئة ، والخيل مِئتا فارس ، فكان لكل فرس سهمان ولفارس سهم ، وكان لكل راجل سهم ، فكان لكل منهم رأس جُمع إليه مئة رجل ، فكانت ثمانية عشر سهماً جُمع ... ).
قال ابن إسحاق : فكان علي بن أبي طالب رأساً ، والزبير بن العوام ، وطلحة بن عبيد الله ، وعمر بن الخطاب ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعاصم بن عدي أخو بني العجلان ، وأسيد بن حضير ، وسهم الحارث بن الخزرج ، وسهم ناعم ، وسهم بني بياضة ، وسهم بني عبيد ، وسهم بني حرام من بني سلمة ، وعبيد السهام ـ قال ابن هشام : إنّما قيل له عبيد السهام لما اشترى من السهام يوم خيبر ... ـ وسهم ساعدة ، ومنهم غفار وأسلم ، وسهم النجار ومنهم حارثة ، وسهم أوس.