ثم خرج أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : من كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت ، ومن كان يعبد محمداً فإنّ محمداً قد مات ، ثم قرأ : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) (١) ، وكان عمر يقول : لم يمت ، وكان يتوعد الناس بالقتل في ذلك.
فاجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة ، فبلغ ذلك أبا بكر ، فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجرّاح ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : منّا أمير ومنكم أمير ، فقال أبو بكر : منّا الأمراء ومنكم الوزراء ، ثم قال أبو بكر : إنّي قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين : عمر أو أبا عبيدة ، إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم جاءه قوم فقالوا : إبعث معنا أميناً ، فقال : لأبعثنّ معكم أميناً حق أمين ، فبعث معهم أبا عبيدة بن الجرّاح ، وأنا أرضى لكم أبا عبيدة ، فقام عمر فقال : أيكم تطيب نفسه أن يخلف قدمين قدمهما النبي صلىاللهعليهوسلم ، فبايعه عمر وبايعه الناس ، فقالت الأنصار ـ أو بعض الأنصار ـ : لا نبايع إلا علياً ، انتهى.
فهذا النص فيه حقائق وفيه أباطيل ، ضغث من هذا وضغث من هذا ، ولا نطيل الوقوف عنده سوى تنبيه القارئ النبيه على قراءته بتدبر وإمعان لما فيه من علائم الاستفهام :
١ ـ لماذا جاء أبو بكر بعد ثلاث ؟ وهو بالسُنح في عوالي المدينة ، وخبر موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شاع وذاع حتى غصت المدينة بمن جاءها مسرعين مهطعين ، وصارت شبيهاً بالقيامة ، ويضرب بها المثل في ذلك اليوم ، وليس بينه وبين المدينة مسافة بعيدة ، إنّما هي ساعة للراكب وساعتين للراجل.
٢ ـ ما معنى قول الراوي : لم يجترئ أحد أن يكشف عن وجهه ـ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ؟ أكان ذلك احتراماً له ، فجاء أبو بكر فاخترق ذلك الإحترام ؟ أم كان هناك رقيب
_____________________
١ ـ آل عمران : ١٤٤.