الخبر عنده : ( ورسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيته لم يفرغ من أمره ، قد أغلق دونه الباب أهله ، قال عمر : فقلت لأبي بكر : إنطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء الأنصار ... ).
فهذا يدل على أنّ عمر وأبا بكر لم يكونا في داخل الحجرة ، وإذا لم يكونا هما فيها ، فغيرهما أولى بأن لا يكون في داخلها.
ومن الراجح الذي يقارب اليقين أنهما وسائر الحاضرين كانوا في المسجد قريباً من الحجرة ، وهذا يقوّيه ما مرّ من سَورة عمر وثورته في إنكاره موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخروج العباس إلى الناس وكلامه معهم في تفنيد مزاعم عمر ، ولم يهدأ عمر حتى أتى أبو بكر وكان غائباً بمنزله في السنح ، وكل هذا تقدمت النصوص بذكره مما دلّ على تبييت في منازعة أهل البيت على حقهم في الخلافة ، ولنطوي عن التفاصيل في ذلك ، ونعود إلى ما في خبر المقبري من مزاعم تثبت الإدانة.
ب ـ جاء في خطبة أبي بكر في السقيفة ما ساقه من حجج الأولوية للمهاجرين على الأنصار : ( نحن المهاجرون أول الناس إسلاماً ، وأكرمهم أحساباً ، وأوسطهم داراً ، وأحسنهم وجوهاً ، وأمسّهم برسول الله صلىاللهعليهوسلم رحماً ... ).
وهذا كل الذي احتج به أبو بكر على الأنصار ـ إن صح ـ فهو محجوج به قبل غيره ، فإنّ أولية الإسلام ـ وهي اُولى حججه ـ فقد سبقه لها أكثر من خمسين إنساناً (١) ، وأولهم سيدهم الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام (٢) ، وما أكرم أحساباً من بني هاشم لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة ، واصطفى من بني كنانة قريشاً ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم » (٣) ، فهذا وما يليه مما ذكره أبو بكر محتجاً به يكون به محجوجاً إذا ما ذكرنا علياً عليهالسلام.
_____________________
١ ـ راجع تاريخ الطبري ٣ : ١٦٧.
٢ ـ علي إمام البررة ١ : ٤١٦ ـ ٤١٨.
٣ ـ هذا حديث صحيح رواه مسلم كما في جمع الفوائد ( ينابيع المودّة ١٢ ) وفي سنن الترمذي : باب مناقب النبي صلىاللهعليهوسلم.