أفهل يُعقل أنّ أبا وهب الجشمي ، وهو رجل كانت له صحبة كما يصفونه ، يروي هذا الحديث وعلي لا يرويه ولا يدريه ؟ وهو هو في سابقته وصحبته ومكانته وحظوته ؟ وهو القائل : « ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي كلّ يوم علماً من أخلاقه ، ويأمرني بالاقتداء به » (١).
أوليس يدل اصرار الإمام على التسمية بحرب ـ سواء قلنا بأنّه اسم معنى أي ضد السلم ، أو قلنا بأنّه اسم علم كما يحلو لواضعيه ـ أنّ علياً يصرّ على مخالفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأستغفر الله من ذلك.
قال ابن قيّم الجوزية في زاد المعاد (٢) :
( فصل ) ولمّا كان مسمى الحرب والمرة أكره شيء للنفوس وأقبحها عندها ، كان أقبح الأسماء حرباً ومرة ، وعلى قياس هذا حنظلة وحزن وما أشبههما ، وما أجدر هذه الأسماء بتأثيرها في مسمياتها كأثر اسم حزن الحزونة في سعيد وأهل بيته.
وقال أيضاً في فصل آخر بعده : ولمّا كان الأنبياء سادات بني آدم ... كانت أسماؤهم أشرف الأسماء ، فندب النبي صلىاللهعليهوسلم أمّته إلى التسمّي بأسمائهم ، كما في سنن أبي داود والنسائي عنه : « تسمّوا بأسماء الأنبياء ».
ولو لم يكن في ذلك من المصالح إلّا أنّ الاسم يذكّر بمسماه ، ويقتضي التعلق بمعناه لكفى به مصلحة ، مع ما في ذلك من حفظ أسماء الأنبياء وذكرها ، وأن لا تنسى وأن يذكر أسماؤهم بأوصافهم وأحوالهم.
_____________________
= بلفظ ( نعم الأسماء عبد الله وعبد الرحمن والأسماء المعبّدة ، وشرها همام والحارث ... ) وأخرجه السيد الراوندي في نوادره : ٩ ، وفيه : ( نعم الأسماء عبد الله وعبد الرحمن والأسماء المعبدة ، وشرها همام والحارث ... ) ونقله عن النوادر في البحار ١٠٤ : ١٣٠ ، ومستدرك الوسائل ٣ : ٦١٨ ، ولقد ورد في حديث جابر مرفوعاً أنّه صلىاللهعليهوسلم قال : ( وشر الأسماء ضرار ومرّة وحرب وظالم ) راجع الخصال للصدوق : ٢٢٨.
١ ـ نهج البلاغة ، شرح محمّد عبدة ٢ : ١٨٢.
٢ ـ زاد المعاد لابن قيّم الجوزية ٢ : ٦.