بار راشد تابع للحق ، ثم توفي أبو بكر وأنا وليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وولي أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم إنّي لصادق بارّ راشد تابع للحق.
وهذا الذي قاله عمر حكاية عنهما في أبي بكر وفيه ، أشدّ فظاعة خصوصاً مع سكوتهما عليه وعدم اعتذارهما منه ، إذ لم يتنصلا مما نسبه عمر إليهما ولم يدفعا عنهما بشيء ، بل سكوتهما ربما أشعر بإصرارهما على ذلك.
وقد تسبب ذلك في إرباك شراح الصحيحين ، ولولا خوف الإطالة لأحطت القارئ خُبراً بذلك ، وحسبي أن أحيله على قراءة ما في شرح النووي لصحيح مسلم (١) ، من أقوال المازري والقاضي عياض مما هو ظاهر البطلان ؛ لحملهما على الألفاظ معاني تأباها العقول السليمة بفطرتها.
كما أنّ في فتح الباري لابن حجر ، وارشاد الساري للقسطلاني ، وغيرهما من شروح صحيح البخاري نحو ذلك ، وقد علّق المعلّق على صحيح مسلم (٢) قال : قوله : اقض بيني وبين هذا الخ ، كان سيدنا عمر على ما يأتي بيانه في ص ١٥٥ دفع صدقته صلىاللهعليهوسلم بالمدينة إلى علي وعباس ( رضي الله تعالى عنهما ) على مقتضى طلبهما ، فغلبه عليها علي ، فكانا يتنازعان فيها.
فكان علي كما ذكره البلاذري يقول : إنّ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جعلها في حياته لفاطمة ، وكان العباس يأبى ذلك ويقول : هي ملك رسول الله وأنا وارثه ، فكانا يتخاصمان إلى سيدنا عمر ، وأما ما روي هنا من قول عباس لعلي ، وكذا ما رواه البخاري في كتاب الاعتصام من قوله : ( اقض بيني وبين الظالم استبّا ) فمما يأبى القلب تصديق صدوره من عم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في حق ابن عم النبي وصهره ، وكذا رواية مسابتهما في خليفة مثل سيدنا عمر بمحضر من سادة الصحابة ( رضي الله تعالى عنهم ).
_____________________
١ ـ شرح النووي لصحيح مسلم ١٢ : ٧١ ـ ٧٦.
٢ ـ صحيح مسلم ٢ : ١٥٢ ، في الهامش.