ومهما يكن حشرهم وحشدهم فلن يستطيعوا إخفاء الحق ، ومهما يكن من زعمهم انقطاع الشيعة في ذلك ، فهو هراء محض ، ومن ذا الذي لا يقدر على دفع الباطل من الشيعة حتى زعموا انقطاعهم عند المحاججة.
ولمطارفة القراء أذكر لهم ما أشاروا إليه من محاججة الشيخ المفيد مع علي بن شاذان صاحب أبي بكر الباقلاني ، فقد ذكر الآبي الوشتاني ( ت ٨٢٨ هـ ) في اكمال اكمال المعلم (١) في شرح حديث أبي هريرة : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) قال : مجمع على صحته وقبوله من أهل السنة ، وأنّه اشتمل على جملتين ، والثانية هي قوله : ( ما تركناه صدقة ) فـ ( ما ) في موضع رفع بالابتداء و ( صدقة ) الخبر ، وحرّفه الإمامية قالوا : إنّما هو ( لا يورّث ) بالياء ، وما مفعوله ، وصدقة منصوبة على الحال ، وقالوا : إنّ المعنى : إنّ الشيء الذي تركناه صدقة لا يورّث ويورّث غيره ، وهذا خلاف ما فهمه أهل السنة ، وحمله عليه أئمة الصحابة ، ولما نص عليه الصدّيق مما يرفع الإبهام كقوله : كل مال النبي صلىاللهعليهوسلم صدقة ، وقوله في الحديث : إنّا لا نورّث ما تركنا فهو صدقة ، وكقوله في الحديث قبله : لا تقتسم ورثتي ديناراً ولا درهماً ما تركناه صدقة.
وقد اعترض بهذا الهوس أبو عبد الله بن المعلم من الأئمة الإمامية على القاضي علي بن شاذان صاحب القاضي أبي بكر الباقلاني لعلمه بضعفه في العربية ، فقال له ابن شاذان : لا أعلم ما صدقة من صدقة ، ولا أحتاج إلى ذلك في هذه المسأله ، هذه فاطمة وعلي والعباس لا شك عندي وعندك في أنّهم من أفصح العرب ، وأعلمهم بالفرق بين اللفظين ، وهذا أبو بكر من أفصح العالمين بذلك كالثلاثة ، وقد جاء الثلاثة يطلبون الميراث فأجابهم أبو بكر بالحديث ،
_____________________
١ ـ اكمال اكمال المعلم ٥ : ٨١.