وقد روى الخطبة عن عمر بن شبّة ، وهذا أيضاً وثّقه الدارقطني ، وابن أبي حاتم ، والخطيب وغيرهم كما في تهذيب التهذيب (١) ، ومرّ بنا نقل ما قالوه فيه أيضاً ، وذكرنا انّ وفاته كانت في جمادى الآخرة ت سنة ٢٦٢ هـ ، فيعدّ هو أول من وصلت إلينا الخطبة من طريقه في التراث السني ، ومن بعده يأتي ابن طيفور ( ت٢٨٠ هـ ) فقد رواها في بلاغات النساء (٢).
وثالث القوم ـ بعد عمر بن شبة وابن طيفور ـ هو ابن قتيبة ( ت ٢٧٦ هـ ) فقد أشار إلى الخطبة في كتابه ( غريب الحديث ) (٣) ، فقال : لمّة الرجل من النساء مثله في السنّ. ومنه قيل في الحديث الموضوع ؟! على فاطمة رحمها الله : إنّها خرجت في لمّة من نسائها تتوطأ ذيولها ، حتى دخلت على أبي بكر فكلّمته بذلك الكلام. وقد كنت كتبته وأنا أرى أن له أصلاً ، ثم سألت عنه رجال الحديث فقال لي بعض نقلة الأخبار : أنا أسنّ من هذا الحديث وأعرف من عمله.
أقول : ليت ابن قتيبة سمّى لنا من ذا الذي سأله من رجال الحديث ؟
وما اسم ذلك البعض من نقلة الأخبار الذي قال له هو أسنّ من الحديث ؟
ثم لماذا لم يسمّ له مَن عمله ما دام يزعم معرفته ؟
وأخيراً ما دام قرّ عند ابن قتيبة أنّه موضوع ، معتمداً على مقالة مجهول عن مجهول ، فلماذا استشهد به ما دام موضوعاً ؟
والغريب أن يقول ابن قتيبة ذلك ، ومعاصره ابن طيفور رواه وذكر الخطبة في كتاب ( بلاغات النساء ) وهو كتاب مطبوع ، ثم انّ ابن قتيبة ذكر بعد ما تقدم أنّ
_____________________
١ ـ تهذيب التهذيب ٧ : ٤٦٠.
٢ ـ بلاغات النساء : ١٤.
٣ ـ غريب الحديث ١ : ٥٩٠.