وقال : يا علي إنّ القوم سيفتنون بعدي بأموالهم ، ويمنّون بدينهم على ربّهم ، ويتمنّون رحمته ، ويأمنون سطوته ، ويستحلّون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية ، فيستحلّون الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع ، فقلت : يا رسول الله ، بأيّ المنازل أنزلهم عند ذلك ؟ أبمنزلة ردّة أم بمنزلة فتنة ؟ فقال : بمنزلة فتنة ».
وهذا يوضّح لنا معنى ما ورد في بعض الآثار والأخبار أنّ الناس كفروا وارتدوا بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا ثلاثة (١) ، وفي رواية لابن حجر عن عمرو بن ثابت (٢) : إلّا خمسة ، وليس ذلك بمستغرب الوقوع عند من يقرأ قوله تعالى : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) (٣).
وأقوال الرسول الكريم وهو يخاطب صحابته نحو : ( لا ألفينّكم ترجعون بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ... ) (٤). ونحو : ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ... ) البخاري ومسلم وغيرهما (٥).
وفي بعض ألفاظ أحاديث الحوض عنه صلىاللهعليهوسلم قال : ( ليردنّ عليّ الحوض ممن صاحبني إذا رأيتهم ورفعوا إليّ واختلجوا دوني فلأقولنّ : أي رب أصحابي أصحابي ، فليقالنّ لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب اثبات حوض نبينا صلىاللهعليهوسلم عن أنس ، وأخرجه أحمد في مسنده (٦).
_____________________
١ ـ الاختصاص للشيخ المفيد : ٤.
٢ ـ تهذيب التهذيب ٧ : ١٠ ، ترجمة عمرو بن ثابت ، وقد تحامل عليه مترجموه من العامة لأنه قال : لما مات النبي صلىاللهعليهوسلم كفر الناس إلّا خمسة ، فقالوا فيه ما شاؤوا من تجريح.
٣ ـ آل عمران : ١٤٤.
٤ ـ النسائي ٧ : ١٢٨.
٥ ـ موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف ٧ : ١٠١.
٦ ـ مسند أحمد ٥ : ٤٨ و ٥٠ عن أبي بكرة و ٣٨٨ ، و ٣٩٣ ، و ٤٠٠ عن حذيفة.