وقال عليهالسلام في جواب الأسدي ، وقد سأله كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به ، فقال : « يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين (١) ، تُرسل في غير سدَدَ ، ولك بعد ذمامة الصهر وحق المسألة ، وقد استعلمت فاعلم : أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نَسَباً ، والأشدون برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نوطاً (٢) ، فإنّها كانت اثرة شحت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين ، والحَكَم الله ، والمعود إليه يوم القيامة ، ودع عنك نهباً صيح في حجراته » (٣).
وقال عليهالسلام : « اللّهم إنّك تعلم أنّه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنرد المعالم من دينك ، ونظهر الإصلاح في بلادك ، فيأمن المظلومون من عبادك ، وتقام المعطّلة من حدودك ، اللّهم إنّي أول من أناب وسمع وأجاب ، ولم يسبقني إلّا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالصلاة » (٤).
إلى غير ذلك من أقواله عليهالسلام التي أوضحت للناس عظيم معاناته ، وفي الشقشقية ، ومثلها في كلامه مع ابن عباس في النخيلة وهو صنو الشقشقية بياناً ولساناً ذكرته في ( موسوعة عبد الله بن عباس ) يفيض ألماً ، وتكاد أحرفه تقطر دماً ، ولم تقصر عن ذلك خطبته التي استعرض فيها حال المسلمين بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلى أواخر أيام خلافته ، وقد أجاب فيها على مسائل السائلين في مشهد يوم عظيم.
_____________________
١ ـ الوضين : بطان يشد به الرحل على البعير كالحزام للسرج ، فإذا قلق واضطرب اضطرب الرحل ، فكثر تململ الجمل وقلّ ثباته في سيره.
٢ ـ النَوط ـ بالفتح ـ : التعلق.
٣ ـ البيت لامريء القيس الكندي ، وتتمته : وهات حديثاً ما حديث الرواحل ، راجع نهج البلاغة شرح محمد عبدة ٢ : ٧٩ ـ ٨٠.
٤ ـ نهج البلاغة ( شرح محمد عبدة ) ٢ : ١٩.