وإلى القاريء نص الخطبة نقلاً عن كنز العمال (١) :
عن يحيى بن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه قال : كان علي يخطب فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ! أخبرني مَن أهل الجماعة ؟ ومَن أهل الفرقة ؟ ومَن أهل السنة ؟ ومَن أهل البدعة ؟
فقال : « ويحك ! أما إذ سألتني فافهم عنّي ، ولا عليك أن لا تسأل عنها أحداً بعدي ، فأما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلّوا ، وذلك الحق من أمر الله وأمر رسوله ، فأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ومن اتبعني وإن كثروا ، وأما أهل السنة المتمسكون بما سنّه الله لهم ورسوله وإن قلّوا ، وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله ولكتابه ورسوله ، العاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا ، وقد مضى منه الفوج الأول وبقيت أفواج ، وعلى الله قصمها واستئصالها عن جدبة الأرض ».
فقام إليه عمّار فقال : يا أمير المؤمنين ! انّ الناس يذكرون الفيء ويزعمون أنّ قاتلنا ( مقاتلنا ظ ) فهو وماله وأهله فيء لنا وولده ، فقام رجل من بكر بن وائل يدعى عبّاد بن قيس ـ وكان ذا عارضة ولسان شديد ـ فقال : يا أمير المؤمنين ! والله ! ما قسمت بالسوية ، ولا عدلت في الرعية ، فقال علي : « ولم ، ويحك ؟ » قال : لأنّك قسمت ما في العسكر ، وتركت الأموال والنساء والذرية ، فقال عبّاد : جئنا نطلب غنائمنا ، فجاءنا بالترهات ! فقال له علي : « إن كنت كاذباً فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف ».
فقال رجل من القوم : ومَن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين ؟ فقال : « رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها » ، قال : فيموت أو يقتل ؟ قال : « بل يقصمة قاصم الجبّارين ، قتله بموت فاحش يحترق منه دبره لكثرة ما يجري من بطنه ، يا أخا بكر ! أنت امرؤ
_____________________
١ ـ كنز العمّال ٢١ : ١٢٦ ـ ١٣٦.